وقال ابن عباس: يريد مساكن تستر عوراتكم وحُرَمَكُم، وذلك أن الله تعالى خلق الخشب والمدر والآلة التي بها يمكن تسقيف البيوت وبناؤها (١).
وقوله تعالى:{وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ} يعني الأنطاع (٢) والأُدم، {بُيُوتًا} يعني القِبَاب والخِيَام والفَسَاطِيط (٣)، {تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ}، أي: يَخِفُّ عليكم حَمْلُها في أسفاركم (٤)، قال ابن عباس: يريد إذا ظعنتم الربيع، وفيه قراءتان: تسكين العين (٥) وتحريكها (٦)، وهما لغتان؛ كالشعْر والشعَر، والنهْر والنهَر، قال الفراء: والعرب تفعل ذلك بما كان ثانيه إحدى الستة الأحرف (٧)، وأنشد (٨):
له نَعَلٌ لا تَطَّبِي الكَلْبَ ريحُها ... وإن وُضِعت بين المجالس شُمَّت (٩)(١٠)
(١) انظر: "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٤٧٦، بنحوه وبلا نسبة. (٢) جمع: نِطَعٌ ونِطْعٌ ونَطَعٌ ونَطْعٌ؛ هو بساطُ من الجلد. انظر: "المحيط في اللغة" ١/ ٤٠٦، و"المعجم الوسيط" ٢/ ٩٣٠. (٣) جمع الفِسْطَاط والفُسْطَاط؛ وهو ضَرْبٌ من الأبنية؛ وهو بيتٌ يتخذُ من الشَّعر. انظر: "المحيط في اللغة" ٨/ ٢٧١. (٤) ورد في "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢١٥، بنصه. (٥) قرأ بها: عاصم وحمزة والكسائي وابن عامر. انظر: "السبعة" ص٣٧٥، و"إعراب القراءات السبع وعللها" ١/ ٣٥٩، و"علل القراءات" ١/ ٣٠٨، و"الحجة للقراء" ٥/ ٧٧، و"المبسوط في القراءات" ص ٢٢٥، و"التيسير" ص ١٣٨. (٦) بفتح العين، قرأ بها: ابن كثير ونافع وأبو عمرو. (انظر: المصادر السابقة). (٧) يريد الحروف الحلقية؛ وهي: الهمزة والهاء، والعين والحاء، والغين والخاء. (٨) لكُثَيِّر بن عبد الرحمن بن الأسود، المعروف بكُثَيِّر عزّة (ت ١٠٥ هـ). (٩) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١١٢، بنصه تقريبًا. (١٠) "ديوانه" ص ٨٥، وروايته: =