وقال قوم: المثلُ السَّوء: الصفةُ السَّوء؛ من احتياجهم إلى الولد وكراهيتهم الإناث خوفَ العَيلة والعَار (١)، {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى}: الصفة العليا من تنزهه وبراءته عن الولد، وهذا قول صحيح، والمَثْلُ يَردُ (٢) كثيرًا بمعنى الصفة, وقد بَيَّنا ذلك مستقصي في قوله:{مَثَلُ الْجَنَّةِ} في سورة الرعد [آية: ٣٥] وإن أنكر ذلك بعض المتأخرين (٣)، فقد رُوي عن المقدمين من أئمة اللغة المثل بمعنى الصفة (٤).
وقال ابن كيسان:{مَثَلُ السَّوْءِ}: ما ضَرب اللهُ للأصنام وعبدتها من الأمثال (٥)؛ مِثلُ قوله:{مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ} الآية. [العنكبوت: ٤١]. وقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ} الآية [الحج: ٧٣]، ولله المثل الأعلى نحو قوله:{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ} الآية [النور: ٣٥].
(١) ورد في "نفسير الثعلبي" ٢/ ١٥٨ أ، بنصه تقريبًا، وانظر: "تفسير البغوي" ٥/ ٢٥، وابن الجوزي ٤/ ٤٥٩، والفخر الرازي ٢٠/ ٥٦، و"البيضاوي" ١/ ٢٧٨. (٢) في: (أ)، (د): (يريد)، والمثبت من (ش)، (ع)، وهو الصحيح. (٣) يقصد محمد بن يزيد المبّرد (ت ٢٨٥ هـ) فقد قال عند قوله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ} [الرعد: ٣٥]: فمن قال: إنما معناه: صفة الجنة فقد أخطأ؛ لأن (مَثَل) لا يوضع في موضح صفة، وإنما المثل مأخوذ من المثال والحذو، والصفة تحلية ونعْت. انظر: "المقتضب" ٣/ ٢٢٥. (٤) كيونس بن حبيب (ت ١٨٢ هـ)، و"الفراء" ت ٢٠٧، ومحمد بن سلّام الجمحي (ت ٢٣١ هـ)، وإليه ذهب ابن جرير عند آية الرعد [٣٥]،، ومال إليه الأزهري ونصره. انظر: "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٦٥، و"تفسير الطبري" ١٣/ ١٦٢، و"تهذيب اللغة" (مثل) ٤/ ٣٣٤١. (٥) لم أقف عليه.