هاهنا، قال الزجاج: الروح ما كان فيه من أمر الله حياةً للنفوس بالإرشاد إلى أمر الله (١).
وقال أبو العباس في هذه الآية وفي قوله:{يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ}[غافر: ١٥]، ولقوله:{وكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا}[الشورى: ٥٢] هذا كله معناه الوحي (٢)؛ سُمّي روحًا لأنه حياةٌ من موت الكفرِ، فصار يحيا به الناس؛ كالروح الذي يحيا (٣) به الجسد.
وقال أبو عبيدة: الروح هاهنا جبريل (٤)، وعلى هذا الباء في بالروح بمعنى (مع) كقولهم: خرج بثيابه، أي: ومعه ثيابه، وركب الأمير بسلاحه، والأول الوجه، ومعنى {مِنَ أَمرِهِ}، أي: من فعله في الوحي (٥).
وقوله تعالى:{عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} يريد النَّبِيّين الذين يختصهم من عباده بالرسالة والوحي بقوله: {أَن أَنذِرُواْ}، قال الزجاج:{أَن} بدل
= وأورده السيوطي في "الدر المنثور" ٤/ ٢٠٥، ونسبه إلى ابن أبي حاتم عن الحسن قال: بالنبوة. (١) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٩٠، بنصه. (٢) "تهذيب اللغة" (روح) ٣/ ١٧٦٨، بنصه. (٣) في جميع النسخ: (يحي)، ويستقيم السياق بالمثبت، وهو موافق لما في المصدر. (٤) ليس في مجازه، وورد منسوباً إليه في: "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٥٤ أ، بنحوه، وانظر: "تفسير البغوي" ٥/ ٨، الفخر الرازي ١٩/ ٢٢٠، "تفسير القرطبي" ١٠/ ٦٧، وهو قول ضعيف جدًّا، والصحيح هو الأول كما ذكر. (٥) قال القاسمي: {من أَمرِهِ} بيان للروح، أو حال منه، أو صفة، أو متعلق بـ {ينزل}، وقال الفخر الرازي: وقوله: {من أَمرِهِ} إن ذلك التنزيل، والنزول لا يكون إلا بأمر الله تعالى، ونظيره قوله تعالى: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ} [مريم: ٦٤] ونحوها، فكل هذه الآيات دالة على أنهم لا يقدمون على عمل من الأعمال إلا بأمر الله تعالى وإذنه. انظر. "تفسير الفخر الرازي" ١٩/ ٢٢٠، والقاسمي ١٠/ ٧٨.