{خَلَقَ}(١) أخبر بلفظ الماضي على فَعَل؛ لأن ذلك أمرٌ ماض، ومن قرأ:{خَالِقُ} قال هو كقوله: {فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ}[فاطر: ١]، وقوله تعالى:{فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا}[الأنعام: ٩٦] وكل هذا مما قد فُصِّل ومَضى، ومعنى قوله:{بِالْحَقِّ} ذكرنا الكلام فيه عند قوله: {مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ} في سورة يونس [آية: ٥].
وقوله تعالى:{إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ} قال ابن عباس والكلبي: يريد أُمِيْتُكم يا معشر الكفار وأخلق قومًا غيركم خيرًا منكم وأطوع، وهو خطاب لأهل مكة (٢).
وقال أهل المعاني: دلّ بقوله: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ}(على قدرته على الإهلاك والإذهاب؛ لأنه إذا قَدر على خلق السموات والأرض)(٣) قدر على إذهابهم بالهلاك؛ لأن من قدر على الإيجاد قدر على الإفناء (٤)، وأما الجديد، فمصدره الجِدَّة، ويقال: أجَدَّ ثوبًا واسْتَجدَّه، إذا اتخذه جديدًا (٥) وأصله من قولهم: قُطع عنه العمل في ابتداء أمره، وقال المازني في قوله (٦):
(١) هم ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم. انظر المصادر السابقة. (٢) ورد في تفسيره "الوسيط" تحقيق سيسي ١/ ٣١٦ بنصه عن ابن عباس، وانظر: "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٣٥٥، والفخر الرازي ١٩/ ١٠٦، فيهما عن ابن عباس، ولم أقف عليه منسوبًا للكلبي. (٣) ما بين القوسين ساقط من (أ)، (د). (٤) ورد في "تفسير الطوسي" ٦/ ٢٨٧ بنحوه، وانظر: "تفسير الزمخشري" ٢/ ٢٩٨، و"الفخر الرازي" ١٩/ ١٠٦، وأبي السعود ٥/ ٤١. (٥) انظر: (جد) في "العين" ٧/ ٦، و"تهذيب اللغة" ١/ ٥٥٥، و"المحيط في اللغة" ٦/ ٣٩٢، و"اللسان" (جدد) ١/ ٥٦٢. (٦) البيت للنابغة الذبياني.