الحق والباطل، اعتماداً على بيانه في آخر الآية، وهو قوله تعالى:{كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ}، وأنشد قول ذي الرمة (١):
فأضْحَتْ مَغَانِيها قِفَارًا رُسُومُها ... كأن لم سِوَى أهْلٍ من الوَهِل تؤهلُ
المعنى: كأن لم تؤهل سوى أهل من الوحش، ففرق بين لم، وتؤهل، ومعنى قوله:{فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً} الجفاء (٢) ما جفاه الوادي، أي: رمى به، قال أبو زيد (٣): يقال: جفأت الوادي الرجل، إذا صرعته، وأجفأت القدر بزبدها، إذا ألقت زبدها فيذهب جفاء. وقال الفراء (٤): الجفاء الرمي والاطراح، يقال: جفا الوادي غثاه جفاءً، إذا رماه، والجفاء اسم للمجتمع منه المنضم بعضه إلى بعض، بمنزلة الغثاء والقماش (٥)، قال: والجفاء مصدر يكون في مذهب اسم، وكذلك مصدر اجتمع بعضه إلى بعض مثل القماش والحطام والدقاق (٦)، كما كان العطاء اسم الإعطاء، وقال الزجاج (٧) في باب الوفاق: جفا الوادي يجفا جُفا أو أجفا، إذا رمى بغثائه، قال: وموضع (جفاءً) نصب على الحال.
(١) "ديوانه" ١٤٦٥، وفيه (من الوحش) بدل (من الوهل). "خزانة الأدب" ٩/ ٥، و"الخصائص" ٢/ ٤٠١، و"الدرر" ٥/ ٦٣.انظر: "تأويل مشكل القرآن" ص ٢٠٧، و"شرح شواهد المغني" للسيوطي ص ٢٣٣. (٢) "تهذيب اللغة" (جفأ) ١/ ٦١٩، و"الزاهر" ٢/ ٨٩. (٣) "تهذيب اللغة" (جفأ) ١/ ٦١٩. (٤) "معاني الفراء" ٢/ ٦٢ بنحوه، و"تهذيب اللغة" (جفأ) ١/ ٦١٩. (٥) القماش: ما يجمع من هنا وهناك. (٦) الدقائق: فتات كل شيء. (٧) "فعلت وأفعلت" ص ٨، ونقله في "التهذيب" ١/ ٦١٩ عن الفراء.