بقوله:{لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا}[الفرقان: ٧٣] يعني: لم يمروا، قال ابن عباس (١) في رواية الكلبي: السجود هاهنا مما كانت الأعاجم تستعمله في تعظيمها رؤساءها، ليس سقوط على الأرض، لكنه كالركوع.
قال الأزهري (٢): والأشبه بظاهر الكتاب أنهم سجدوا ليوسف دل عليه رؤياه الأولى حين قال: {رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ}[يوسف: ٤] فظاهر التلاوة أنهم سجدوا ليوسف تعظيمًا له، من غير أن أشركوا بالله، وكأنهم لم يكونوا نهوا عن السجود لغير الله في شريعتهم، قال (٣): وفيه وجه آخر لأهل العربية وهو: أن يجعل اللام لام أجل، المعنى: وخروا من أجله سجدًا، شكرًا للذي أنعم عليهم فجمع شملهم.
وقوله تعالى:{وَقَدْ أَحْسَنَ بِي} أي إليَّ، (يقال)(٤): أحسن به وإليه، قال كثير (٥):
أسِيئي بِنَا أو أحْسِنِي لا مَلُومةً ... لدَيْنَا ولا مَقْلِيَّةً إنْ تَقَلَّتِ
{إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ} قال أهل المعاني (٦): ذكر إخراجه من السجن ولم يذكر إخراجه من البئر كرمًا، لئلا يذكر إخوته صنيعهم به، ولأن