واختلف أهل المعاني: لِمَ سميت البضاعة القليلة الرديئة مزجاة؟ فقال أبو إسحاق (١): من قولهم: فلان يزجي العيش، أي: يدفع بالقليل ويكتفى به، والمعنى على هذا: أنا جئنا ببضاعة إنما يُدافع بها ويتقوت ليست مما يتسع به، وعلى ما ذكر يجب أن يكون التقدير ببضاعة مزجاة بها الأيام.
وقال أبو عبيد (٢): إنما قيل للدراهم الرديئة مزجاة؛ لأنها مردودة مدفوعة غير مقبولة ممن ينفقها، قال: وهي من الإزجاء، والإزجاء عند العرب: السَّوْق والدَّفْع، وأنشد (٣):
ليَبْكِ على مِلْحَانَ ضَيْفٌ مُدَفَعٌ ... وأرْمَلة تُزْجِي مع اللَّيلِ أرْمَلا
أي: تدفع وتسوق، وقال غيره (٤)(بضاعة مزجاة) مؤخرة مدفوعة عن الإنفاق، لا ينفق (٥) مثلها إلا من اضطر واحتاج إليها، لفقد غيرها مما هو أجود منها.
(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٢٧. (٢) الرازي ١٨/ ٢٠١، و"زاد المسير" ٤/ ٢٧٨، ونسبه إلى أبي عبيدة، ولم أجده في "مجاز القرآن". (٣) نسبه الطبري ١٣/ ٥٠ إلى حاتم، وعلق محمود شاكر بقوله: ليس في ديوانه، وأنشده ابن بري غير منسوب "اللسان" (رمل) ٣/ ١٧٣٥، والظاهر أن الشعر لحاتم؛ لأن (ملحان) هوابن عمه -ملحان بن حارثة بن سعد بن الحشرج الطائي- وكنت وقفت على أبيات من هذا الشعر، ثم أضعتها اليوم. انظر: "ديوانه" ٨٦، و"الزاهر" ٢/ ٩٧، و"السان" (رمل) ٣/ ١٧٣٥، وابن عطية ٨/ ٦١، و"البحر المحيط" ٥/ ٣٤٠، و"الدر المصون" ٦/ ٥٥٠، و"زاد المسير" ٤/ ٢٧٨. (٤) الرازي ١٨/ ٢٠٢، و"معاني القرآن" للنحاس ٣/ ٤٥٦. (٥) (لا ينفق) ساقط من (أ)، (ج).