قال أهل اللغة (١): البث: الهم الذي تفضي به إلى صاحبك. وأصله من البث وهو النشر والتفريق، يقال: بثوا الخيل في الغارة، وبث الله الخلق، وأبثثتُ فلانًا بسري إبثاثًا، أي: أطلعته عليه.
وقال أبو عبيدة (٢): البث: أشد الحزن، والحزن أشد الهم، وقال غيره: الهم ما يستره الإنسان ويكتمه، والبث ما يبديه ويظهره؛ لأنه إذا اشتد لم يصبر على كتمانه حتى يبثه، يقال: قد أبثثتك ما في قلبي، وبثتك، إذا أطلعتك عليه، قال الشاعر (٣):
أبثّكَ ما ألْقَى وفي النَّفْسِ حَاجَةٌ ... لها بَيْنَ لَحْمِي والعِظَامِ دَبِيبُ
وقوله تعالى:{وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} أي أعلم من خبر سلامة يوسف ما لا تعلمون أنتم، قال الكلبي عن ابن عباس (٤): وذلك أن ملك الموت أتاه فقال له: يا ملك الموت هل قبضت روح ابني يوسف فيما قبضت من الأرواح؟ قال لا يا نبي الله، وقال ابن عباس (٥): وأعلم أن رؤيا يوسف صادقة وأني (٦) وأنتم سنسجد له.
(١) انظر: "تهذيب اللغة" (بثث) ١/ ٢٧٣، و"اللسان" (بثث) ١/ ٢٠٨. (٢) "مجاز القرآن" ١/ ٣١٧. (٣) البيت لكُثَيِّر من قصيدة يمدح فيها عمر بن عبد العزيز وهي في "ديوانه" ص ٣٦ كما يلي: أبثك ما ألقى وفي النفس حاجة ... لها بين جلدي والعظام دبيب وذكره في "الشعر والشعراء" ص ٤١٣ ونسبه لعروة بن حزام، والبيت مختلف عن هذا وهو: وإني لتعروني لذكراك روعة ... لها بين جلدي والعظام دبيب (٤) "زاد المسير" ٤/ ٢٧٥، و"تنوير المقباس" ١٥٣، وأخرجه ابن أبي حاتم ٧/ ٢١٨٩، عن النصر بن عربي كما في "الدر" ٤/ ٦٠. (٥) الطبري ١٣/ ٤٥، و"زاد المسير" ٤/ ٢٧٥، وابن أبي حاتم ٧/ ٢١٨٩، كما في "الدر" ٤/ ٦٠، الثعلبى ٧/ ١٠٥ أ. (٦) في (ج): (وأنا).