وقوله تعالى:{إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ}، الركن: كل ناحية قوية من نواحي الجبل والدار والقصر ونحو ذلك، وركن الرجل قوته وعُدده الذين يعتز بهم، وهو المراد في هذه الآية. قال ابن عباس (١) في قوله: {إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ}: يريد (٢): من العشيرة أو مؤمنين معي.
وقال ابن إسحاق (٣): شيعة تمنعني وعشيرة تنصرني، وهذا قول جميع المفسرين وأهل التأويل: أن المراد بالركن الشديد هاهنا العشيرة، قال قتادة (٤): وذكر لنا أن الله لم يبعث نبيًا بعد لوط إلا في عز من قومه ومنعة من عشيرته، وقد رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"يرحم الله لوطًا لقد كان يأوي إلى ركن شديد، ولكنه -عليه السلام- عني العشيرة"(٥).
قال أبو بكر: أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما كان يرجع إليه لوط من عون الله له ودفع المكروه عنه، وروى الأثرم (٦) عن أبي عبيدة (٧) في قوله: {إِلَى رُكْنٍ
(١) هذا القول رواه الطبري ١٢/ ٨٧ عن قتادة، وذكره البغوي ٢/ ١٩٢، وأخرجه ابن أبي حاتم ٦/ ٢٠٦٤ عن ابن عباس. وانظر: "الدر" ٣/ ٦٢١. (٢) ساقط من (ب). (٣) الطبري ١٢/ ٨٧، الثعلبي ٧/ ٥٢ أ. (٤) الطبري ١٢/ ٨٧. (٥) أخرجه البخاري (٣٢٧٢) كتاب: الأنبياء، باب: قول الله -عز وجل-: {وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ} "الفتح" ٦/ ٤٧٣، وأخرجه مسلم رقم (١٥١) كتاب: الإيمان، باب: زيادة طمأنية القلب بتظاهر الأدلة، وفي الفضائل ح (١٥٢) ٤/ ١٨٣٩، والترمذي (٣١١٦) كتاب: التفسير، باب: ومن سورة يوسف. وقال حديث حسن، والطبري ١٢/ ٨٧ - ٨٨، والحاكم ٢/ ٥٦١. وقال: حديث صحيح على شرط مسلم. (٦) هو: أبو بكر الأثرم صاحب الإمام أحمد. (٧) "مجاز القرآن" ١/ ٢٩٤.