قوله:{فِيهَا} حالاً من الضمير في (اركبوا)، ويجوز أن يقال المعنى: اركبوها أي الفلك، وزاد (في) للتأكيد كقوله: {لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ}[يوسف: ٤٣]، وفائدة هذه الزيادة أنه أمرهم أن يكونوا [في جوف الفلك لا على ظهرها، فلو قال:(اركبوها) لتوهموا أنه أمرهم أن يكونوا] (١) على ظهر السفينة.
وقوله:{وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} المُجرى: مصدر كالإجراء، ومثله قوله:{مُنْزَلًا مُبَارَكًا}[المؤمنون: ٢٩]، و {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ}(٢)، وقرئ {مَجْراها}(٣) بفتح الميم وهو أيضًا مصدر مثل الجري، واحتج صاحب هذه القراءة بقوله:{وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ}[هود: ٤٢] ولو كان (مُجراها) لكان (وهي تُجرَى بهم)، فكأنه قال:(وهي تجريهم)(٤).
وأما المرْسَى: فهو أيضًا مصدر كالإرساء يقال: وما الشيء يرسو: إذا ثبت، وأرساه غيره، قال الله تعالى:{وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا}[النازعات: ٣٢]. قال ابن عباس (٥) في رواية عطاء: يريد تجرى باسم الله وقدرته، وقال الضحاك (٦): كان إذا أراد أن تجري قال: باسم الله فجرت، وإذا أراد أن
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ب). (٢) الإسراء: ٨٠. في الأصل (وأدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق) وهو خطأ. (٣) قرأ بها حمزة والكسائي وحفصر عن عاصم وخلف، "السبعة" ٣٣٣، "التبصرة" ٥٣٨، "النشر" ٣/ ١١٤، "إتحاف" ص ٢٥٦. (٤) "الحجة" لأبي على ٤/ ٣٣١، وأيّد هذا الوجه الطبري ١٢/ ٤٣ - ٤٤. (٥) روى الطبري ١٢/ ٤٤ نحوه عن مجاهد. (٦) الطبري ١٢/ ٤٤ - ٤٥، الثعلبي ٧/ ٤٣ ب، وابن أبي حاتم ٦/ ٢٠٣٣.