علي: قوله: {مُبَوَّأَ صِدْقٍ} يجوز أن يكون مصدرًا، أي تبوّؤ (١) صدق، ويكون المفعول الثاني محذوفًا، ويجوز أن يكون مفعولًا ثانيًا فيجعل المبوأ اسمًا غير ظرف كما قال الشاعر (٢):
وأنت مكانك من وائل ... مكان القراد من است الجمل (٣)
ومعنى (صدق) هاهنا أن العرب إذا مدحت شيئًا أضافته إلى الصدق؛ لأن الصدق محمود في الأحوال كلها؛ فتقول: رجل صدق؛ [وقدم صدق](٤)، وفلان صديقك الصدق (٥).
وقال بعض أهل المعاني: معناه أن هذا المنزل يصدق فيما يدل عليه من جلالة النعمة (٦)، قال ابن عباس في قوله:{وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} قال: يريد: قريظة والنضير وبني قينقاع، {مُبَوَّأَ صِدْقٍ}، قال: يريد: أنزلناهم منزل صدق ما بين المدينة والشام، {وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ}، قال:
(١) في (م): (تبؤى)، وفي بقية النسخ: (تبوي)، وآثرت الرسم المثبت لمناسبته للحركة، وانظر: "الحجة" ٤/ ٣١٠، وكلام المحقق في الحاشية رقم (٢). (٢) اختلف في قائل هذا البيت، فهو في "ديوان جرير" ص ٤٨٦، وهو للأخطل في "الأغاني" ٨/ ٢٨، "خزانة الأدب" ١/ ٤٦٠، "سمط اللآلي" ص ٨٥٤، "العقد الفريد" ٣/ ٣٦٠، وليس في "ديوان الأخطل". وله أو لعتبة بن الوغل في "شرح أبيات سيبويه" للسيرافي ١/ ٣٧٨. والبيت لعتبة بن الوغل في "المؤتلف والمختلف" للآمدي ص ٨٤، ونسب أيضاً لكعب ابن جعيل في "خزانة الأدب" ١/ ٤٦٠، وهو من شواهد سيبويه ١/ ٤١٧ بلا نسبة. (٣) اهـ. كلام أبي علي، انظر: "الحجة" ٤/ ٣١٠. (٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ح) و (ز). (٥) في (ى): (صدق). وانظر: "تهذيب اللغة" (صدق) ٢/ ١٩٩٠ - ١٩٩١. (٦) لم أقف عليه.