أو يكون أعمل الفعل الذي دلّ عليه (يتعارفون)؛ ألا ترى أنه دل علي يستعلمون ويتعرفون، وتعرّفوا مدة اللبث هاهنا، كما تعّرفوها (١) [في قوله: {كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ}[المؤمنون: ١١٢] الآية، والآخر في التعارف: بما جاء في قوله: {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ] (٢) يَتَسَاءَلُونَ (٥٠) قَالَ قَائِلٌ} [الصافات: ٥٠، ٥١]، وقال في موضع آخر {قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا}(٣)[الطور: ٢٦] الآية، وتعرّفهم يكون على أحد هذين الوجهين (٤)، وذكر (٥) تقدير الآية فقال: يحتمل قوله: {كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا} ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يكون صفة لليوم، ويكون التقدير: كأن لم يلبثوا قبله إلا ساعة، فحذفت الكلمة لدلالة المعنى علمها، ومثله قوله:{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}[الطلاق: ٢] أي أمسكوهن قبله، وكذلك قوله:{فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ}[البقرة: ٢٢٦] أي قبل انقضاء الأربعة الأشهر، ويجوز أن يكون على هذا التقدير حذف (قبل) الذي هو مضاف إلى الهاء، وأقيم المضاف إليه مقامه ثم حذفت الهاء من الصفة، كقولك: الناس رجلان رجل أكرمت ورجل أهنت، ومثل هذا قوله:{تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ}[الشورى: ٢٢] والتقدير: وجزاؤه واقع بهم، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.
(١) في (ز): (يعرفونها). (٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ز). (٣) وقد ذكر أبو علي الآية بتمامها والآية التي قبلها. (٤) "الحجة للقراء السبعة" ٤/ ٣٠٢. (٥) يعني أبا علي الفارسي.