وقوله تعالى:{كَلِمَتُ رَبِّكَ} وقرئ كلمات ربك (١)، وذكر المفسرون في معناها (٢) قولين، أحدهما: حق وعد ربك الذي بينه في غير موضع من كتابه من تعذيبه أهل الكفر وإصارته إياهم إلى الهلاك والبوار، وهذا معنى قول الزجاج: أي: مثل أفعالهم جازاهم (٣).
أما توحيد الكلمة وجمعها، فمن وحدها فإنه أراد الجمع؛ لأن ما أوعد الله -عز وجل- به وتهدد به الكفار كلام يجمع حروفًا وألفاظًا (٤)، كقوله:{وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ}[السجدة: ٢٠] الآية، فجعل هذه الجملة وغيرها من آي الوعيد كلمة وإن كانت في الحقيقة كلمات؛ لأنهم قد يسمون القصيدة والخطبة كلمة، وهذا نحو قوله:{وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى}[الأعراف: ١٣٧]، يعني بالكلمة قوله:{وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ}[القصص: ٥] الآية، فجعلها كلها كلمة؛ وذلك لأنها إذا كانت الكلمات في معنى واحد كانت كأنها كلمة واحدة، هذا قول أبي بكر، وأبي علي (٥).
قال أبو بكر: ويجوز أن يكون أراد الكلمات، فأوقع الواحد موقع الجمع كقوله:
(١) يعني الجمع، وهي قراءة نافع وابن عامر وأبي جعفر، وقرأ الباقون بالتوحيد. انظر: كتاب "السبعة" ص ٣٢٦، "تحبير التيسير" ص ١٢٢، "إتحاف فضلاء البشر" ص ٢١٦. (٢) ساقط من (ح). (٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٨. (٤) في (م): (ألفاظًا وحروفًا). (٥) يعني الفارسي، انظر: "الحجة" ٤/ ٢٧٣.