والمعني: يجزون السوء، وعلى هذا المعنى عطف قوله:{وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ}، هذا كلام النحويين من الفريقين في هذه الآية، وكلهم جعلوا الموصول مبتدأ (١)، ويجوز أن تجعله عطفًا على الموصول الأول وهو قوله:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى} فكأن التقدير: وللذين كسبوا السيئات جزاء سيئة، فيرتفع الجزاء باللام في الآية الأولى، والباء في (بمثلها) من صلة الجزاء، وحسن النظم من غير إضمار ولا تكلف.
وقوله تعالى:{وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ}، قال ابن عباس: يصيبهم الذل والخزي (٢) والهوان (٣).
وقوله تعالى:{مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ} ما لهم من عذاب الله من مانع يمنعهم {كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ} ألبست (٤){وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ} القِطْع: [اسم لِما (٥) قطع فسقط، ويراد به هاهنا بعض من الليل.
قال ابن السكيت: القِطْع] (٦) الطائفة من الليل (٧)، ومعنى الآية وصف وجوههم بالسواد حتى كأنها ألبست سوادًا من الليل كقوله:{تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ}[الزمر: ٦٠]، وكما قيل في قوله تعالى:{يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ}[الرحمن: ٤١] أي (٨): أنه سواد الوجوه وزرقة
(١) انظر: "التبيان في إعراب القرآن" ص ٤٣٧. (٢) في (ى): (الحزن). (٣) رواه بمعناه ابن جرير ١١/ ١٠٩، وابن أبي حاتم ٦/ ١٩٤٦. (٤) ساقط من (ى). (٥) في (ى): (ما). (٦) ما بين المعقوفين ساقط من (ح) و (ز). (٧) "المشوف المعلم" ٢/ ٦٤٨، "تهذيب إصلاح المنطق" ص ٣٨. (٨) ساقط من (م).