قال أبو إسحاق:{مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} تقرأ بالرفع وبالنصب (١)، فالرفع من جهتين: أحدهما: أن يكون {مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} خبرًا لقوله: {بَغْيُكُمْ}، ويجوز أن يكون خبر الابتداء {عَلَى أَنْفُسِكُمْ} ويكون {مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} رفعا على إضمار (هو) ومعنى الكلام: إن ما تنالونه بهذا الفساد والبغي إنما تتمتعون به في الحياة الدنيا {ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ}، ومن نصب فعلى المصدر، المعنى:[تمتعون متاع الحياة](٢) الدنيا؛ لأن قوله:{إِنَّمَا بَغْيُكُمْ} يدل على أنهم يتمتعون (٣).
وزاد أبو علي الفارسي بيانًا فقال: قوله: {عَلَى أَنْفُسِكُمْ} يحتمل تاويلين؛ أحدهما: أن يكون متعلقًا بالمصدر؛ لأن فعله متعد بهذا الحرف يدل على ذلك قوله:{ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ}[الحج: ٦٠]، وقوله تعالى:{بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ}[ص: ٢٢]، فإذا جعلت الجار من صلة المصدر كان الخبر {مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}[والمعنى: ما ذكرنا أن بغي بعضكم على بعض متاع](٤) في الدنيا (٥).
(١) قرأ بنصب (متاع) حفص وحده، وقرأ الباقون بالرفع، انظر: "الغاية في القراءات العشر" ص١٧٠، "تقريب النشر" ص ١٢٢، وقد وافق حفصًا جمع من القراء غير العشرة، انظر: "زاد المسير" ٤/ ٢٠، "البحر المحيط" ٥/ ١٤٠. (٢) ما بين المعقوفين هكذا نصه في (ح) تمتعون به في الحياة، وهو خطأ سببه الجملة السابقة المشابهة لهذه الجملة في لفظها. (٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٤. (٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ى). (٥) ما بين العلامتين من كلام المؤلف، وهو بمعناه في "الحجة"، وفيها زيادة.