الكلام خطاب، وبعد ذلك إخبار عن غائب؛ لأن كل من أقام الغائب مقام من يخاطب جاز له أن يرده إلى الغائب، وأنشد:
أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة ... لدينا ولا مقلية (١) إن تقلت (٢)(٣)
فقوله (تقلت)، خبر عن غائب بعد المخاطبة.
وقوله تعالى:{جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ}، قال الفراء: يعني الفلك، فقال:{جَاءَتْهَا} وقد قال: {وَجَرَيْنَ بِهِمْ} ولم يقل وجرت، وكلٌ صواب، تقول: النساء قد ذهبت وذهبن، والفلك يؤنث ويذكر، ويكون واحداً (٤) وجمعًا (٥).
وقوله تعالى:{عَاصِفٌ}، قال الزجاج والفراء: ريح عاصف وعاصفة وقد عصفت عصوفًا وأعصفت، فهي معصف ومعصفة (٦).
قال الفراء: والألف (٧) لغة بني أسد (٨) ومعنى عصفت الريح: اشتدت، وأصل العصف السرعة، يقال: ناقة عاصف وعصوف: سريعة،
(١) في (ح): (مقلة)، وهو خطأ. (٢) البيت لكثير عزة من تائيته المشهورة، انظر: "ديوانه" ٢/ ١٣، "أمالي القالي" ٢/ ١٠٩، "لسان العرب" (قلا) ٦/ ٣٧٣١، وهو في "الصحاح" (قلا) بلا نسبة. (٣) اهـ كلام الزجاج، انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٣. (٤) في "معاني القرآن": واحدة. (٥) "معاني القرآن" ١/ ٤٦٠، وانظر التذكير والتأنيث للفلك في "المذكر والمؤنث" لابن الأنباري ١/ ٢٧٨. (٦) انظر قول الفراء في المصدر السابق، نفس الموضع، وقول الزجاج في "زاد المسير" ٣/ ١٩، "تفسير الرازي" ١٧/ ٧٠، ولم أجده في كتابه "معاني القرآن". (٧) في "معاني القرآن" (وبالألف) يعني: أعصفت. (٨) "معاني القرآن" ١/ ٤٦٠.