وقوله تعالى:{لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ}، قال عامة المفسرين: أي لماتوا وهلكوا جميعًا وفرغ من هلاكهم (١)، وقال أبو عبيدة: لفرغ عن أجلهم (٢)، والتقدير: لفرغ من أجلهم ومدتهم المضروبة للحياة، فإذا انتهت مدتهم المضروبة للحياة هلكوا، ومعنى الفراغ من المدة: انقضاؤها، والشيء إذا انقضى فرغ منه، ونحو هذه الآية قوله:{وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ}[الإسراء: ١١].
فأما ما يتعلق به الجار في قوله:{إِلَيْهِمْ}، قال أبو علي: لما كان معنى (قضى): فرغ [وكان فرغ](٣) قد يتعدى بها الحرف نحو قوله (٤):
ألان فقد فرغت إلى نمير ... فهذا حين صرت لهم عذابا
فلما تعلق (إلى) بفرغ كذلك تعلق بقضى (٥).
وتحقيق التأويل: لو أجيبوا إلى ما يدعون به من الشر والعذاب لفرغ إليهم من أَجَلِهم بأن ينقضي الأجل فيموتوا ويحصلوا في البلاء والعذاب.
وقرأ ابن عامر:(لقَضَى إليهم أجلَهم) على إسناد الفعل إلى
(١) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٨، و"تفسير ابن جرير" ١١/ ٩٢، والثعلبي ٧/ ٧ أ، والبغوي ٤/ ١٢٤، و"معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٨. (٢) "مجاز القرآن" ١/ ٢٧٥ ولفظه: لفرغ ولقطع ونبذ إليهم. وقد ذكره أبو علي في "الحجة" ٤/ ٢٥٤ بلفظ المؤلف. (٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ى). (٤) هو: جرير كما في "لسان العرب" (أين) ١/ ١٩٣، ولم أجده في "ديوانه"، ورواية "اللسان": الآن وقد نزعت ... إلخ ونمير: قبيلة عربيته معروفة منها الراعي النميري، وكان بينه وبين جرير هجاء ومناقضات. انظر: "طبقات فحول الشعراء" ٢/ ٤٣٦. (٥) "الحجة للقراء السبعة" ٤/ ٢٥٦ بنحوه.