(١) ذَلِكَ الْكِتَابُ} إلا أن الكتاب مذكر فقال (ذلك) والآيات مؤنثة وقال (تلك) قال: وربما أخرج ذلك على ما تقدم وربما أخرج علي ما تأخرج وأخرج هاهنا (١) على ما تأخرة لأن (ذلك) و (ذاك) و (تلك) و (أولئك) إشارات تقع على ما يقصد بالإشارة إليه، وقد قال عطاء عن ابن عباس: يريد هذه الآيات التي أنزلتها على محمد - صلى الله عليه وسلم - (٢).
وأراد بـ {الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} القرآن في قول أكثر المفسرين (٣)، والحكيم: الحاكم (فعيل) بمعنى (فاعل) دليله قوله: {وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ}[البقرة: ٢١٣] وقيل: إنه بمعنى المحكم (٤)، قال مقاتل: المحكم من الباطل لا كذب فيه ولا اختلاف (٥)، وقد بينا قبل هذا أن الأحكام معناه المنع من الفساد، ويدل على أن الحكيم هاهنا بمعنى المحكم قوله:{كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ}[هود: ١].
قال الأزهري: وهذا سائغ في اللغة، والقرآن يبين بعضه بعضًا، وإنما جاز ذلك؛ لأن (حكمت) تجري مجرى (أحكمت) في المعنى فرد إلى الأصل والله أعلم (٦).
وقد قال الأعشى:
(١) ساقط من (م). (٢) ذكره المؤلف في "الوسيط" ٢/ ٥٣٨. (٣) انظر: "تفسير ابن جرير" ١١/ ٨٠، والسمرقندي ٢/ ٨٧، والثعلبي ٧/ ٣ ب، والبغوي ٤/ ١١٩. (٤) هذا قول أبي عبيدة في "مجاز القرآن" ١/ ٢٧٢. (٥) "تفسير مقاتل" ١٣٧ ب. (٦) "تهذيب اللغة" (حكم) ١/ ٨٨٦ بنحوه.