ليأخذهم به من غير أن يدلهم على أنه يجب أن يتقوه، فهذا أمان بما يخاف من تلك الحال، وهذا معنى قول مجاهد (١).
قال ابن الأنباري:(والتأويل (٢): حتى يبين لهم ما يتقون فلا يتقونه فعند ذلك يستحقون الإضلال، فحذف ما حذف لبيان معناه، كما تقول العرب أمرتك بالتجارة فكسبت الأموال، يريدون فتجرت وكسبت) (٣)، قال: واختلف الناس في تفسير الإضلال هاهنا فقالت فرقة: تأويله: وما كان الله ليحكم عليهم بالضلالة حتى يكون منهم ذا (٤)، واحتجوا بقول الكميت:
فطائفة قد أكفروني بحبكم (٥)
أي نسبوني إلى الكفر وحكموا علي به.
وقال آخرون: وما كان الله ليوقع الضلالة في قلوبهم بعد الهدى حتى يكون منهم الأمر الذي يُستحق عليه العقاب، وأبطلوا القول الأول، وقالوا: العرب إذا أرادت ذلك المعنى قالت: ضلل يضلل، واحتجاجهم
(١) رواه ابن جرير ١١/ ٥٣ - ٥٤، وابن أبي حاتم ٦/ ١٨٩٧، والثعلبي ٦/ ١٥٥ ب، والبغوي ٤/ ١٠٣. (٢) في (ى): (والمعنى). (٣) ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" ٣/ ٥١٠. (٤) هذا أحد أقوال المعتزلة، انظر: "مقالات الإسلاميين" ١/ ٣٢٥، و"شفاء العليل" ١/ ٢١٧. (٥) صدر بيت، وعجزه: وطائفة قالوا مسيء ومذنب انظر: "هاشميات الكميت" ص ٣٥.