قال أهل المعاني: قوله {مَا كاَنَ لِلنَّبِيِّ} حظر وتحريم ونهي، وقد يأتي في القرآن بمعنى النفي البتة، كقوله:{مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا}[النمل: ٦٠] و {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}[آل عمران: ١٤٥](١).
والاستغفار طلب المغفرة، وليس يجوز أن يطلب من الله غفران الشرك؛ لأنه طلب ما أخبر أنه لا يفعل (٢).
وقوله تعالى {مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}، قال أبو إسحاق:(أي من بعد ما تبين لهم أنهم ماتوا كافرين، ثم أعلم الله -عز وجل- كيف كان استغفار إبراهيم لأبيه [فقال:{وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ} (٣) الآية] (٤).
قال عطاء عن ابن عباس:(كان أبو إبراهيم وعد إبراهيم أن يؤمن بالله ويخلع الأنداد، فلما مات على الكفر (٥) تبين لإبراهيم عداوة أبيه لله فترك الدعاء له) (٦)، فعلى هذا قوله:{وَعَدَهَا إِيَّاهُ} الكناية في {إِيَّاهُ} تعود
(١) ذكره عنهم دون تعيين الثعلبي في "تفسيره" ٦/ ١٥٣ ب بنحوه، وانظر: "تفسير القرطبي" ٨/ ٢٧٤. (٢) يعني في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: ٤٨، ١١٦]. (٣) اهـ. كلام أبي إسحاق الزجاج، انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤٧٣. (٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ى). (٥) ساقط من (ى). (٦) ذكره المؤلف في "الوسيط" ٢/ ٥٢٨، والقرطبي في "تفسيره" ٨/ ٢٧٤، وبدون نسبة الزجاج في "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤٧٣، والثعلبي ٦/ ١٥٤ أ، وابن الجوزي في "زاد المسير" ٣/ ٥٠٩. وقد سبق بيان أن رواية عطاء عن ابن عباس مكذوبة، ثم إن هذا القول مستبعد من =