العلم من الجميع إلى أنه (١) لا يقع الذم في مثل هذا إلا على من يستأذن (٢) في ترك الجهاد والقعود عنه، ومثله قوله:{وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ}[النساء:١٢٧] فهذا أيضًا ظاهره أنهم يرغبون في نكاحهن والمعنى على خلافه؛ لأن هذا ورد في عضل الولي (٣) عن التزويج وامتناعه من أن يتزوجها، والعرب تقول: رغبت أن أفعل كذا بمعنى: عن أن أفعله، ورغبت أن أفعله [بمعنى في أن أفعله](٤) ولا يعرف ذلك إلا بالاعتبار بمكانه (٥) الذي وقع به، والقصة التي حدث فيها، من ذلك قول الخنساء:
يا صخر ورّاد ماء قد تناذره .... أهل الموارد ما في ورده عار (٦)
ظاهر قولها: ما (٧) في ورده عار، أن معناه [: ما على من ورده عار](٨) ومعناه في الباطن: ما في ترك ورده مخافة عار؛ لأنها عنت: ماء ورده في موضع مخوف يتناذره الناس ويتحامونه، تقول: فهو يرد هذا الماء لشجاعته وجرأته، وإن ترك ورده تارك لم يكن عليه عار لهول ما فيه.
(١) في (ي): (لأنه). (٢) في (ي): (يستأذنك). (٣) في "الصحاح" (عضل) ٥/ ١٧٦٧: عضل الرجل أيمه: إذا منعها من التزويج. (٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ج). (٥) في (ج): (لمكانه)، وهو خطأ. (٦) انظر: "ديوان الخنساء" ص ٤٨، ومعنى تناذره: أنذر بعضهم بعضًا، والموارد: جمع مورد، وهو المنهل والماء الذي يورد للسقيا. وهي تعني الموت، أي لإقدامه وشجاعته. انظر: "الكامل" ٤/ ٤٨، و"أنيس الجلساء في شرح ديوان الخنساء" ص٧٥. (٧) لفظ: (ما) ساقط من (ج). (٨) نص ما بين المعقوفتين في (ي) هكذا: (على ما ورده عار)، وهو خطأ ظاهر.