وقال محمد بن إسحاق:{فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} بأن تجعلوا حرامها حلالاً، وحلالها حرامًا كما فعل أهل الشرك في النسيء" (١)، وعلى هذا: الكناية تعود إلى الشهور كلها [وقد روي عن ابن عباس أنه (٢) قال: "{فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ}(٣): في الشهور كلها" (٤)] (٥)، وحكى الزجاج القولين جميعًا، وقال: "من قال في الأربعة: أراد تعظيم شأن المعاصي فيهن كما قال تعالى: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}[البقرة: ١٩٧]، وهذه الأشياء لا تجوز في غير الحج، ولكنه -عز وجل- عرّف الأيام التي تكون فيها المعاصي أكثر إثمًا وعقابًا" (٦)، واختار الفراء أن تكون الكناية راجعة إلى الأربعة لقوله:{فِيهِنَّ} ولم يقل (فيها) كما قال: {مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} لما عادت الكناية إلى كلها، قال: وكذلك كلام العرب لما بين الثلاثة إلى العشرة يقولون: لثلاث خلون، إلى العشرة [(فإذا جُزت العشرة)(٧) قالوا: خلت، ويقولون لما بين الثلاثة إلى العشرة] (٨): (هن) و (هؤلاء)(٩) فإذا جزت العشرة قالوا: (هي) و (هذه) إرادة أن تُعرف
(١) "سيرة ابن هشام" ٢/ ٢٠٦. (٢) ساقط من (ى). (٣) ساقط من (ح). (٤) رواه ابن جرير ١٠/ ١٢٦، وابن أبي حاتم ٦/ ١٧٩٢، واللفظ له، وابن المنذر والبيهقي في "شعب الإيمان" كما في "الدر المنثور" ٣/ ٤٢٥. (٥) ما بين المعقوفين ساقط من (م). (٦) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤٤٦ بنحوه. (٧) ما بين القوسين ساقط من (ى). (٨) ما بين المعقوفين ساقط من (م). (٩) من (م).