ومعنى:{شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ}: قال ابن عباس في رواية الضحاك: "شهادتهم على أنفسهم بالكفر: سجودهم لأصنامهم وإقرارهم أنها مخلوقة"(١)، وقال في رواية عطاء:"يريد: حين اتخذوا لله شفعاء وأنداداً"(٢)، وهذا معنى القول (٣) الأول.
وقال الحسن:"لم يقولوا نحن كفار ولكن كلامهم بالكفر شاهد عليهم بكفرهم"(٤) يعني أن (٥) فيما يخبرون به دليلًا على كفرهم، لا أنهم يقولون نحن كفار، ولكن كما تقول للرجل: كلامك يشهد أنك ظالم، وقال السدي:"شهادتهم على أنفسهم بالكفر هو أن النصراني يُسأل ما أنت؟ فيقول: نصراني واليهودي يقول: يهودي، وعابد الوثن يقول: مشرك"(٦).
وذكر ابن الأنباري في هذا وجهين:
أحدهما: أنه قال: شهادتهم على أنفسهم بالكفر عدولهم عن أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو حق لا يخفى على مميز، ولا يرتاب به عاقل، فكانوا (٧) في ذلك بمنزلة من شهد على نفسه بالكفر.
والثاني: أنهم آمنوا بأنبياء (٨) شهدوا لمحمد - صلى الله عليه وسلم - بالصدق فلما آمنوا
(١) رواه الثعلبي ٦/ ٨٥ أ، وفي سنده جويبر وهو ضعيف جداً، ثم إن الضحاك لم يلق ابن عباس كما في "تهذيب التهذيب" ٢/ ٢٢٦، ورواه البغوي ٤/ ٢٠ مختصرًا. (٢) لم أقف عليه. (٣) في (ى): (قول). (٤) رواه الثعلبي ٦/ ٨٥ أ، والبغوي ٤/ ٢٠. (٥) ساقط من (ى). (٦) رواه بنحوه ابن جرير ١٠/ ٩٣، وابن أبي حاتم ٦/ ١٧٦٥، والثعلبي ٦/ ٨٥ أ، والبغوي ٤/ ٢٠. (٧) في (م): (كانوا). (٨) في (ي): (بالأنبياء).