قوله تعالى:{وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ}، قال ابن عباس:"يريد: بالقطيعه والهجرة والعداوة"(١)، وذكر المفسرون في هذا قولين: أحدهما: أنه أراد بدؤكم بالقتال يوم بدر (٢)؛ لأنهم حين سلم العير قالوا: لا ننصرف حتى نستأصل محمدًا ومن معه، والثاني: أنه أراد أنهم قاتلوا حلفاءك خزاعة فبدؤا بنقض العهد وهذا قول الأكثرين (٣)، واختيار الفراء (٤) والزجاج (٥).
وقوله تعالى:{أَتَخْشَوْنَهُمْ}، قال الزجاج:"المعنى: أتخشون أن ينالكم من قتالهم مكروه فتتركون قتالهم؟ {فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ} أي: فمكروه عذاب الله أحق أن يخشى في ترك قتالهم (٦){إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} أي: مصدقين بعقاب الله وثوابه"(٧)، ودلت هذه الآية على أن المؤمن ينبغي أن يخشى ربه دون غيره.
= ١]. وكما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لولا أني أخرجت منك ما خرجت"، رواه الإمام أحمد ٤/ ٣٠٥، وغيره وسنده صحيح كما في "صحيح الجامع الصغير" ٢/ ١١٩٢، ولذا قال المفسرون: هموا بإخراج الرسول وفعلوا، انظر: "تفسير ابن جرير" ١٠ - ٨٩ - ٩٠، وابن عطية ٦/ ٤٢٨ - ٤٢٩. (١) لم أقف عليه. (٢) ذكر هذا القول ابن جرير ١٠/ ٩٠، ورواه عن السدي وهو قول مقاتل، انظر: "تفسيره" ١٢٦ ب، وانظر أيضاً: "تفسير الثعلبي" ٦/ ٨٣ ب، والبغوي ٤/ ١٨. (٣) انظر: "تفسير ابن جرير" ١٠/ ٩٠، وابن أبي حاتم ٦/ ١٧٦٢، والثعلبي ٦/ ٨٣ أ، وابن الجوزي ٣/ ٤٠٥، و"الدر المنثور" ٣/ ٣٨٩. (٤) "معاني القرآن" ١/ ٤٢٥. (٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤٣٦. (٦) قوله: "في ترك قتالهم" ليس موجودًا في "معاني القرآن وإعرابه" المطبوع. (٧) ا. هـ. كلام الزجاج. المصدر السابق، نفس الموضع.