قال ابن عباس: إنهم قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - آمنا بما جئت به، ونشهد أنك رسول الله لننصحن لك على قومنا (١)، يقول الله تعالى: إن خانوك في هذا وكان قولهم خيانة.
وقال ابن جريج: أراد بالخيانة هاهنا: الخيانة في الدين وهو الكفر (٢)، يعني إن كفروا بك فقد خانوا الله من قبل أن كفروا بالله:{فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ} ببدر، وهذا تهديد لهم إن عادوا إلى القتال، وأرادوا الخيانة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال الحسن: وإن يريدوا خيانتك مرة أخرى فيرجعوا إلى الكفر بعد ما مننت عليهم، ويخونوك بالقتال معك (٣)، والعون عليك:{فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ} وقاتلوك {فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ} فإن رجعوا مرة أخرى أمكنك المرة الأولى (٤).
وقال ابن كيسان:{وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ} يعني: نكث ما أعطوا من أنفسهم لئلا يقاتلوك {فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ} فأعطوا العهود فيما كان ينزل بهم من البلاء، ويسألونه الرزق، ويقولون:{لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ}[يونس: ٢٢] و {لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ}[الأعراف: ١٨٩] فامكن منهم (٥)، وهذا القول يدل على أن أولئك الأسارى عاهدوا أن لا يقاتلوه.
(١) رواه ابن جرير ١٠/ ٥٠. (٢) رواه البغوي ٣/ ٣٧٩ بنحو، وانظر: "الوسيط" ٢/ ٤٧٣. (٣) كذا في جميع النسخ. (٤) ذكره هود ٢/ ١٠٥ بمعاه. (٥) لم أقف على مصدره، وقد ذكره مختصرًا الرازي في "تفسيره" ١٥/ ٢٠٦ من غير نسبة.