قرئ (يكن)(١) بالياء والتاء (٢)، فمن قرأ بالياء فلأنه يراد بالمائة المذكر لأنهم رجال في المعنى فحمل الكلام على أنهم مذكرون في المعنى، يدلك على ذلك قوله:(يغلبوا) كما جاء: {فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}[الأنعام: ١٦٠] فأنث الأمثال على المعنى لما كانت حسنات.
ومن قرأ بالتاء حمل الكلام على اللفظ، واللفظ مؤنث، وكان أبو عمرو يقرأ هذا بالياء، وقوله تعالى:{فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ} بالتاء (٣)؛ لأن التأنيث هاهنا أشد مشاكلة لقوله:(صابرة) من التذكير، وقرأ الأول بالياء؛ لأنه أخبر عنه بقوله:{يَغْلِبُوا} فكان التذكير أشد مشاكلة لـ {يَغْلِبُوا}(٤).
وأما الكلام في (مائة) فقال الفراء: إنها منقوصة من آخرها نحو: السنة وبابها، قال: وقد أتم بعض الشعراء المائة فقال (٥):
(١) ساقط من (ح) و (س). (٢) في قوله {يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ}، وقوله: {فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ}: قرأ الكوفيون بالياء في الموضعين، ووافقهم البصريان في الموضع الأول فقط، والباقون بالتاء على التأنيث في الموضعين. انظر: "التبصرة في القراءات" ص ٢١٢، و"تحبير التيسير" ص ١١٨، و"إتحاف فضلاء البشر" ص ٢٣٨. (٣) انظر: تخريج القراءة في التعليق الأسبق، وكتاب "السبعة"ص ٣٠٨، و"التيسير" ص ١١٧. (٤) القراءة سنة ينقلها السابق للاحق، وليس للقراء إنشاؤها وابتداؤها, ولعل المؤلف يقصد بيان سبب اختيار أبي عمرو لهذه القراءة دون غيرها. (٥) البيت لتميم بن مقبل كما في "المقاصد النحوية" ٢/ ٣٧٦، ولم أجده في "ديوانه" ولا "ذيله"، وله أو لأبي شبل الأعرابي كما في "الدرر اللوامع" ١/ ١٣٠، وانظره بلا نسبة في: "تذكرة النحاة" ص ٥٠٨، و"لسان العرب" (ضربج) ٥/ ٢٥٧٠.