يكون المعنى: ولا يحسبن الذين كفروا أن سبقوا؛ لأنها في حرف ابن مسعود (أنهم سبقوا)(١) فإذا كانت كذلك فهي بمنزلة قولك: حسبت أن أقوم، وحسبت أقوم، على حذف (أن)، ويكون أقوم وقام ينوب عن الاسم والخبر، هذا كلامه (٢).
وحذف (أن) قد جاء في غير شيء (٣) كقوله تعالى: {أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ}[الزمر: ٦٤]، قال سيبويه: حذف (أن) والمعنى: أن أعبد (٤).
وهو كثير في الشعر (٥)، فإذا وجهته على هذا سد (أن سبقوا) مسد المفعولين؛ كما أن قوله:{أحسبت الناس أن يتركوا}[العنكبوت: ٢] كذلك، وذكر أبو الحسن (٦) وجهًا آخر: وهو أنه أضمر فاعلًا (٧) للحسبان،
(١) ذكر هذه القراءة عنه، الزمخشري في "الكشاف" ٢/ ١٦٥، وأبو حيان في "البحر" ٤/ ٥١٠ - ٥١١، ولم يذكرها ابن أبي داود في "المصاحف"، ولا ابن جني في "المحتسب" ولابن خالويه في "المختصر". (٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤٢١. (٣) يعني في أكثر من موضع. (٤) هذا القول مفهوم من عبارة سيبويه، حيث جعل الآية بمنزلة قول طرفة: ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى بعد بيان أن (أن) محذوفة في قوله (أحضر). انظر: "كتاب سبويه" ٣/ ١٠٠، و"الحجة" ٤/ ١٥٥، وضعف السيرافي هذا الوجه. انظر: "حاشية كتاب سيبويه" ١/ ٤٥٢، ط/ بولاق. (٥) انظر بعض الأبيات في "الحجة" ٤/ ١٥٦. (٦) يعني الأخفش الأوسط, انظر قوله في: "الحجة للقراء السبعة" ٤/ ١٥٥، لم يذكره في كتاب "معاني القرآن". (٧) في (م): (فاعلاً آخر).