الأولى كانت في اليقظة على ما حكينا عن ابن جريج والحسن، فهذه الثانية كررت لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أفرد في الأولى بالذكر وعمم هو وأصحابه في هذه، وهذا الذي ذكرنا معنى قول ابن الأنباري وأبي إسحاق (١).
قال أبو إسحاق: هذه رؤية الإلتقاء، وتلك رؤية النوم، وعلى مذهب الحسن: الأول خطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - والثاني خطاب له ولجميع من شاهد الحرب (٢).
وقوله تعالى:{فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا}، قال مقاتل: لما التقوا ببدر قلّل الله المشركين في أعين المؤمنين تصديقًا لرؤيا رسوله (٣).
وقال ابن مسعود: لقد قللوا في أعيننا يوم بدر حتى قلت لرجل إلى جنبي: تراهم سبعين قال: أراهم مائة، فأسرنا رجلاً (٤) فقلنا: كم كنتم؟ قال: ألفًا! (٥).
وقوله تعالى:{وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ}، قال ابن عباس: ليجترؤا عليكم ولا ينهزموا ولا يرجعوا عن قتالكم (٦)، كما قال أبو جهل ذلك اليوم: إنما محمد وأصحابه أكلة جزور (٧)، خذوهم أخذًا واربطوهم
(١) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" لأبي إسحاق الزجاج ٢/ ٤١٩، ولم أقف على قول ابن الأنباري. (٢) المصدر السابق، نفس الجزء والصفحة، وقد تصرف الواحدي في النص المنقول. (٣) "تفسير مقاتل" ل ١٢٢ أ. (٤) في (م): (رجلاً منهم). (٥) رواه ابن جرير ١٠/ ١٣، وابن أبي شيبة في "المصنف" ١٤/ ٣٧٤، وابن أبي حاتم ٥/ ١٧١٠. (٦) روى نحوه مختصرًا الفيروزأبادي في "تنوير المقباس" ص ١٨٢، وسنده واهٍ, وانظر: "الوسيط" ٢/ ٤٦٣. (٧) يعني الناقة الواحدة تكفيهم طعامًا لقلتهم.