علم الله أنهم يصلحون بما يورده] (١) من حججه وآياته لأسمعهم إياها ولم يخلف (٢) عنهم شيئًا منها.
وقال ابن جريج وابن زيد: لأسمعهم الحجج والمواعظ سماع تفهيم وتعليم، ولو أسمعهم بعد أن علم أن لا خير فيهم ما انتفعوا بذلك، ولتولوا وهم معرضون (٣).
وقال ابن عباس في رواية عطاء:{لَأَسْمَعَهُمْ}: يريد: لهداهم (٤).
{وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} رجع تبارك وتعالى إلى ما سبق في علمه وقضائه وقدره فأخبر بما كان قبل أن يكون، ومعنى قوله (٥): (لهداهم) أي: لأسمعهم ما يهتدون به سماع تفهيم.
وشرح أبو علي الجرجاني هذا القول شرحًا شافيًا فقال: إن الله يعلم ما يكون، وما لا يكون، وما لا يكون لو كان كيف يكون، فتأويل قوله:{وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ} أي ليس فيهم خير فلا يسمعهم؛ لأنه جبلهم على ذلك، وهذا مثل قولك للرجل: لو علمت أنك تفهم لأخبرتك، أي: أنك لا تفهم، ثم قال:{وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ} -أي إسماع الإفهام الذي ينفع (٦) ويجدي إذا كان في الإنسان خير، وكان سعيدًا- {لَتَوَلَّوْا} أيضًا
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (م). (٢) هكذا في جميع النسخ، ولعل الصواب: يخف. (٣) ما ذكره المؤلف هو قول ابن زيد كما رواه بلفظ مقارب ابن جرير ٩/ ٢١٢، وأما قول ابن جريج فنصه: ولو علم الله فيهم خيرًا لأسمعهم ولو أسمعهم لقالوا {ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا} [يونس: ١٥] ولقالوا {لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا} [الأعراف: ٢٠٣] ولو جاءهم بقرآن غيره لتولوا وهو معرضون. (٤) رواه بمعناه الفيروزأبادى في "تنوير المقباس" ص ١٧٩ من رواية الكلبي وهو واهٍ. (٥) أى ابن عباس في قوله السابق. (٦) في (م): (ينتفع به).