قال: ومثل هذا قوله (١): {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ}[الروم: ٨] ثم تبتدئ {مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ}، وقوله في سبأ:{ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا}[سبأ: ٤٦] ثم تبتدئ: {مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ}) (٢)، وقد قيل: إن قوله: {مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ}، إلى آخر الآية كلام معترض بين كلامين، على نظم {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا}، {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ}(٣)[الأعراف: ١٨٥]، وأدخل بينهما قوله:{مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ}، فلما انقضى هذا رجع إلى المبتدأ الأول وهو قوله:{أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا} فجاء به على لفظ سواه، وهو قوله:{أَوَلَمْ يَنْظُرُوا} [ومعناهما جميعًا واحد؛ لأن قولك:{أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا}، {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا} واحد، والمعنى] (٤): أولم يتفكروا في خلق السموات والأرض (٥)،
(١) لفظ: (قوله) ساقط من (ب). (٢) "الإيضاح" لابن الإنباري ٢/ ٦٧١، ومثله ذكر النحاس في "القطع والائتناف" ١/ ٢٦٧، والداني في "المكتفي" ص ٢٨١. (٣) لفظ: (السموات) ساقط من (أ). (٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب). (٥) لفظ: (الأرض) ساقط من (ب)، ولم أقف على هذا القول فيما لدي من مراجع، وأما إعراب الآية: فما نافية و {بِصَاحِبِهِمْ} خبر مقدم، ومن مزيدة {جِنَّةٍ} مبتدأ أي: ما جنة بصاحبهم، وقيل: ما استفهامية مبتدأ، والخبر {بِصَاحِبِهِمْ} أي: أي شيء استقر بصاحبهم من الجنون وجملة {مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ} في محل نصب مفعول به لفعل التفكر بعد إسقاط الخافض لأن التفكر من أفعال القلوب فيجوز تعليقه، وهذا هو اختيار أبي حيان في "البحر" ٤/ ٤٣١، والسمين في "الدر" ٥/ ٥٢٥، قال أبو حيان ٤/ ٤٣٢: (هذا هو الظاهر وفي الآية تخريجات ضعيفة ينبغي أن ينزه القرآن عنها وتفكر مما يثبت في اللسان تعليقه فلا ينبغي أن يعدل عنه) اهـ. وانظر: "غرائب الكرماني"١/ ٤٢٩، و"التبيان" ص ٣٩٦، و"الفريد" ٢/ ٣٨٨، و"الجدول في إعراب القرآن" ٩/ ١٢١.