وقال عكرمة:(المعنى: سكت موسى عن الغضب)(١) فقلب؛ كما قالوا: أدخلت القلنسوة (٢) في رأسي، والمعنى: أدخلت رأسي في القلنسوة، قال أبو إسحاق:(والقول الأولى، الذي معناه: سكن، وهو قول أهل العربية)(٣).
وقوله تعالى:{أَخَذَ الْأَلْوَاحَ}؛ لأنه كان قد ألقاها.
وقوله تعالى:{وَفِي نُسْخَتِهَا}. قد ذكرنا معنى النسخ (٤) فيما تقدم، وهو: اكتتابك كتابًا عن كتاب حرفًا بحرف، تقول: نَسَخْتُه وانْتَسَخْته، فالأصل نُسْخةٌ، والمكتوب عنه نُسخةٌ؛ لأنه قام مقامه (٥).
قال ابن عباس (٦) وعمرو بن دينار (٧): (لما ألقى موسى الألواح تكسرت، فصام أربعين يومًا، فردت عليه، وأعيدت الألواح، وفيها الذي في الأولى)(٨). فعلى هذا معنى:{وَفِي نُسْخَتِهَا}. أي: فيما (٩) نسخ منها،
(١) ذكره الرازي ١٥/ ١٤، والقرطبي ٧/ ٢٩٣. (٢) القَلَنْسُوة: من ملابس الرؤوس معروفة، انظر: "اللسان" ٦/ ٣٧٢٠ (قلس). (٣) "معاني الزجاج" ٢/ ٣٧٩، وقال الخازن ٢/ ٢٩٣: (والقول الأول أصح لأنه قول أهل اللغة والتفسير) اهـ. وقال السمين في "الدر" ٥/ ٤٧٢: (القول بالقلب ينبغي أن لا يجوز لعدم الاحتياج إليه مع ما في القلب من الخلاف) اهـ. (٤) انظر: "البسيط" النسخة الزهرية ١/ ٧٨ ب. (٥) هذا قول الأزهري في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٥٥٨ (نسخ). (٦) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١٩٨ أ، والبغوي ٣/ ٢٨٥، والرازي ١٥/ ١٥, والقرطبي ٧/ ٢٩٣، والخازن ٢/ ٢٩٣. (٧) عمرو بن دينار لعله: عمرو بن دينار الجمحي، أبو محمَّد المكي الأثرم، تقدمت ترجمته. (٨) ذكره الثعلبي ١٩٨ أ، والبغوي ٣/ ٢٨٥، الخازن ٢/ ٢٩٣. (٩) في (ب): (أي وفيما).