ليعمل فيه عمل من الأعمال، ولهذا قيل: مواقيت الحج، وهي المواضع التي (١) قدرت للإحرام به، فمعنى قوله:{فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً}. أي: تم الوقت الذي قدره الله لصوم موسى وعبادته أربعين ليلة (٢).
قال أبو علي الفارسي:(هذا كقولك: تم القوم عشرين (٣) رجلاً، والمعنى: تم القوم معدودين هذا العدد، كذلك تم الميقات معدودًا هذا العدد (٤)، وقد جاء (الميقات) في موضع (الميعاد)، كما جاء (الوقت) في موضع الوعد في قوله: {إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ}[الحجر: ٣٨]، ومما يبين تقاربهما قوله:{فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ}(٥)[الأعراف: ١٤٢]، وفي الأخرى {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً}[البقرة: ٥١]، وقال:{وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ}[البروج: ٢]، وقال:{إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ}[الحجر: ٣٨]، وقال:{إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ}(٦)[الواقعة: ٥٠]، فإن قيل فلم قال:{فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً}، وقد دل ما تقدم على هذا؟، قيل: للبيان الذي لا يجوز معه توهم (٧) أتممنا الثلاثين بعشر منها. كأنه كان عشرين ليلة ثم أتم بعشر فصار ثلاثين (٨).
(١) في أصل: (أ): (الذي) ثم صحح إلى (التي). (٢) لفظ: (ليلة) ساقط من (أ). (٣) في النسخ: (عشرون)، وهو تحريف. (٤) وعليه يكون نصب: أربعين على الحال أي: تم ميقات ربه معدودًا أربعين ليلة. انظر: "المشكل" ١/ ٣٠١، و"البيان" ١/ ٣٧٤، و"التبيان" ص ٣٩٠، و"الفريد" ٢/ ٣٥٦، و"الدر المصون" ٥/ ٤٤٧. (٥) لفظ: (فتم) ساقط من (ب). (٦) "الحجة" لأبي علي ٢/ ٦٥. (٧) جاء في هامش (أ) زيادة: (توهم مضاف للجملة ..) وزيادة كلام لم أستطع معرفته. (٨) أكثرهم على أن الجملة تأكيد وإيضاح، وقيل: إنها لإزالة توهم أن تكون عشر =