جرت لنا من نعمنا وسعة أرزاقنا في بلادنا , ولم يعلموا أنه من الله فيشكروا عليه، ويقوموا بحق النعمة فيه.
وقوله تعالى:{وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ} يريد: القحط والجدب والمرض والبلاء والضرّ، {يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ}، أي: يتشاءموا، وقالوا: إنما أصابنا هذا الشر بشؤم موسى وقومه، والتطير: التشاؤم في قول جميع المفسرين (١).
وقوله تعالى:{يَطَّيَّرُوا} هو في الأصل يتطيروا، فأدغمت التاء في الطاءة لأنهما من مكان واحد من طرف اللسان وأصول الثنايا (٢).
وقوله تعالى:{أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ}. قال ابن عباس:(يريد شؤمهم عند الله)(٣)، يريد من قبل الله، أي: إنما جاءهم الشؤم بكفرهم بالله وجرأتهم (٤) عليه.
وقال الكلبي:(يقول إن الذي أصابهم هو من الله)(٥)، وهذا قول
(١) انظر: "تفسير الطبري" ٩/ ٢٩، وأخرجه من طرق جيدة عن مجاهد وابن زيد. وانظر: "معاني النحاس" ٣/ ٥٦٨، و"تفسير السمرقندي" ١/ ٥٦٣، والثعلبي ٦/ ٩ أ، والماوردي ٢/ ٢٥١. (٢) هذا قول الزجاج في "معانيه" ٢/ ٣٦٨. (٣) ذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ٢٢٣، والبغوي ٣/ ٢٦٩ بلفظ: (شؤمهم عند الله ومن قبل الله). وأخرج الطبري ٩/ ٣٠ بسند جيد عن ابن عباس قال: (يقول مصائبهم عند الله) اهـ. وفي رواية قال: (الأمر من قبل الله) اهـ، وذكره الثعلبي ٦/ ٩ أ، والبغوي ٣/ ٢٦٩ عنه أنه قال: (طائرهم ما قضى الله عليهم وقدر لهم) اهـ. (٤) في (ب): (وجرأتهم على الله عليه)، وهو تحريف. (٥) "تنوير المقباس" ٢/ ١٢٠.