وقال أبو علي:(السيئة والحسنة قد جاءتا في التنزيل على ضربين: أحدهما: سيئة مأخوذ بها، وحسنة مُثَاب عليها, لقوله:{مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ}{مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ} (١)[الأنعام: ١٦٠]، والثاني: لما يستثقل (٢) في الطباع أو يُسْتَحفُّ (٣) كما في هذه الآية، وكقوله:{فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ} الآية [الأعراف: ١٣١]، وكذلك الفساد، قد يكون (٤) فسادًا معاقبًا عليه كقوله: {وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ} الآية [القصص: ٧٧]، ويكون على غير ذلك، كقوله:{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ}[الروم: ٤١] يعني: الجدب) (٥)
والمعنى: أنه تعالى أخبر أنه يأخذ أهل المعاصي بالشدة تارة وبالرخاء تارة (٦).
وقوله تعالى:{حَتَّى عَفَوْا}(٧). قال أبو عبيد: (قال الكسائي: يقال: قد عفا الشعر وغيره إذا كثر، يَعْفُو فهو عافٍ، ومنه قوله تعالى: {حَتَّى
(١) نص الآية (١٦٠) من سورة الأنعام: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}. (٢) في (ب): (ما يستثقل). (٣) في (ب): (ويستخف). (٤) (وقد يكون). (٥) "الحجة" لأبي علي ٥/ ١٠٣. (٦) انظر: "تفسير الطبري" ٩/ ٧، و"معاني النحاس" ٣/ ٥٦، والسمرقندي ١/ ٥٥٧. (٧) العفُوّ على فَعُول: الكثير العفو وهو: ترك العقوبة، وعفا الشيء: إذا درس ونقص، وعفا إذا زاد وكثر، وأعفيت الشعر وعفوته: إذا كثرته وزدت فيه. انظر: "العين" ٢/ ٢٥٨، و"الأضداد" لقطرب ص ١١٤، و"الجمهرة" ٢/ ٩٣٨، و"أشتقاق أسماء الله" للزجاجي ص ١٣٤، و"الصحاح" ٦/ ٢٤٣١، و"مقاييس اللغة" ٤/ ٥٦، و"المجمل" ٣/ ٦١٥، و"المفردات" ص ٥٧٤ (عفا).