وقوله تعالى:{وَأَنْصَحُ لَكُمْ}. قال الفراء:(والعرب لا تكاد تقول: نصحتك، إنما يقولون: نصحت لك، فأنا أنصح لك نصيحة ونصاحةً ونصحًا وقد يجوز نصحتك)(١).
قال النابغة:
نصحتُ بَنِي عَوْفٍ فلم يَتَقَبَّلُوا ... رسولي ولم تَنْجَحْ لديهم رسَائِلي (٢)
ومعنى النصح: إخلاص النية من شائب الفساد في المعاملة وهو خلاف الغش (٣).
قال ابن عباس:(يريد: أدعوكم إلى ما دعاني الله إليه، وأحب لكم ما أحب لنفسي. {وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} يريد: إني أعلم أن ربي غفور رحيم لمن رجع عن معاصيه، وأن عذابه أليم شديد لمن أصرّ على معاصيه)(٤).
وقال أهل النظر: (في قوله: {وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} حثٌّ لهم
(١) "معاني الفراء" ١/ ٩٢ فيه: (العرب لا تكاد تقول: شكرتك إنما تقول: شكرت لك ونصحت لك ولا يقولون: نصحتك وربما قيلتا قال النابغة ...) اهـ. يقال: نَصَحْتُك نُصْحا ونَصَاحة وهو باللام أفصح، والاسم النصيحة. انظر: "الصحاح" ١/ ٤١٠، و"كتاب الأفعال" للسرقسطي ٣/ ١٩٢. (٢) "ديوان النابغة الذبياني" ص ١٢٨، و"الصحاح" ١/ ٤١٠، و"تفسير الرازي" ١٤/ ١٥١، و"اللسان" ٧/ ٤٤٣٨ (نصح)، وفي "الديوان" (وصاتي) بدل (رسولي)، و (وسائلي) بدل (رسائلي)، وبنو عرف قومه وهم بنو عوف بن سعد ابن ذبيان. انظر: "نهاية الأرب" ص ٣٤٤. (٣) انظر: "العين" ٣/ ١١٩، و"الجمهرة" ١/ ٥٤٤، و"تهذيب اللغة" ٤/ ٣٥٨٢، و"المجمل" ٣/ ٧٨٠، و"المقاييس" ٥/ ٤٣٥، و"المفردات" ص ٨٠٨ (نصح). (٤) ذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ١٩٩، وفي "تنوير المقباس" ٢/ ١٠٢ نحوه.