والسدي بيَّن ذلك العذاب ما هو فقال:(سواد الوجوه وزرقة العيون)(١) , فعلى هذا معنى قوله:{يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ} ما قضى الله عليهم في الكتاب من سواد الوجوه، وزرقة العيون (٢)، ويؤكد هذا التأويل قوله:{وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ}[الزمر: ٦٠].
وهذا معنى قول ابن عباس في رواية عطية (٣) قال: (ينالهم ما كتب عليهم، [وقد كتب] (٤) لمن (٥) افترى على الله وجهه مسود) (٦) واحتج بالآية، واختار الفراء هذا فقال:(ينالهم ما قضى الله عليهم في الكتاب من سواد الوجوه وزرقة الأعين)(٧).
وقال الزجاج:(معنى: {نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ} ما أخبر الله -عز وجل- من جزائهم؛ نحو قوله:{فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى}[الليل: ١٤]، وقوله:{يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا} (٨)[الجن: ١٧]، وقوله:{إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ} الآية [غافر: ٧١]، فهذا نصيبهم من الكتاب على قدر ذنوبهم في كفرهم) (٩).
(١) لم أقف عليه. (٢) في (أ): (سواد الوجه وزرقة العين). (٣) في (ب): (عطاء)، وقد أخرجه الطبري في "تفسيره" ٨/ ١٧٠ بسند ضعيف عن عطية العوفي عن ابن عباس -رضي الله عنهما-. (٤) لفظ: (وقد كتب) ساقط من (ب). (٥) في (ب): (بأن يفترى). (٦) في (ب): (مسوده)، وعند الطبراني ١٢/ ٤١٣: (أنه وجهه مسود) وهو أولى. (٧) "معاني القرآن" ١/ ٣٧٨، ونحوه ذكر مقاتل في "تفسيره" ٢/ ٣٥. (٨) في (ب): {نَسْلُكُهُ} بالنون وهي قراءة ابن عامر وابن كثير وأبي عمرو، ونافع وقرأ الباقون {يَسْلُكُهُ} بالياء. انظر: "السبعة" ص ٦٥٦، و"المبسوط" ص ٣٨٤، و"التذكرة" ٢/ ٧٣٧، و"النشر" ٢/ ٣٩٢. (٩) "معاني القرآن" ٢/ ٣٣٤ - ٣٣٥.