مضت أنهم كانوا يحرمون أجناسًا من النعم بعضها على الرجال والنساء، وبعضها على النساء دون الرجال، فاحتج الله عليهم في هذه الآية والتي بعدها، فقال: يُقايسهم في تحريم ما حرموا: {قُلْ آلذَّكَرَيْنِ} من الضأن والمعز حرم الله عليكم {أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ}؟ فإن كان حرّم من النعم ذكورها فكل ذكورها حرام، وإن كان حرّم الأثنيين فكل الإناث حرام (١).
وقال الفراء:(يقول: أجاءكم التحريم فيما حرمتم من الذكرين أم من الأنثيين؟ فلو قالوا: من قبل الذكر حرم كل ذكر، ولو قالوا: من قبل الأنثى (٢)، حرمت كل أنثى) (٣).
وقوله تعالى:{أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ}، ما في موضع نصب، نصبته باتباعه (٤) الذكرين والأنثيين يقول: وإن كان ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين من المعز والضأن فقد حرم الأولاد، وكلها أولاد، فكلها حرام، قاله الزجاج (٥).
(١) ذكره عن المفسرين: الثعلبي في "الكشف" ١٨٥ ب، والبغوي في "تفسيره" ٣/ ١٩٧، والرازي ١٣/ ٢١٧، وأخرج الطبري في "تفسيره" ٨/ ٦٨، من عدة طرق جيدة، عن ابن عباس، ومجاهد وقتادة والسدي وابن زيد نحوه، وهو قول الزجاج في "معانيه" ٢/ ٢٩٩، والنحاس في "معانيه" ٢/ ٥٠٥، والنص أصله لابن قتيبة في "تأويل مشكل القرآن" ص٣٤٠ - ٣٤١. (٢) في (أ): (أنثى). (٣) "معاني الفراء" ١/ ٣٦٠. (٤) هذه عبارة الفراء في "معانيه" ١/ ٣٦٠, وأم عاطفة، وما موصولة في محل نصب معطوف علي الأنثيين. انظر: "الدر المصون" ٥/ ١٩٥. (٥) "معاني الزجاج" ٢/ ٢٩٩.