أَنْفُسَكُمُ} وجهين: أحدهما، قال:(جائز أن يكون كما تقول للذي تعذبه: لأزهقن نفسك ولأخرجن نفسك، فهم يقولون:{أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ} على هذا المعنى)(١)، ومعنى هذا الكلام أن قول القائل إذا أراد تعذيب إنسان [يقول](٢): لأخرجن نفسك، معناه: لأذيقنك العذاب، ولأعذبنك أشد العذاب، كذلك قول الملائكة لهم {أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ} معناه: ذوقوا العذاب، وليس المراد من هذا أمرهم بإخراج أنفسهم؛ لأن أرواحهم ليسوا [هم](٣) مخرجيها حتى يؤمروا بإخراجها، وإنما [مخرجها](٤) ملك الموت وأعوانه، وقال بعض أهل المعاني:(هذا تغليظ لحالهم أي: أنهم بمنزلة من تولى إزهاق نفسه إكراهًا له، وهو أغلظ عليه، فلذلك يؤمرون بإخراج أنفسهم)(٥).
وأما أهل التفسير فإنهم يقولون في هذا:(إن نفس المؤمن [تنشط] (٦) في الخروج للقاء ربه، ونفس الكافر [تكره](٧) ذلك، ويشق عليها الخروج؛ لأنها [تصير](٨) إلى أشد العذاب (٩) كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أراد لقاء الله أراد الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله
(١) "معاني الزجاج" ٢/ ٢٧٢. (٢) لفظ: (يقول) ساقط من (ش). (٣) لفظ: (هم) ساقط من (أ). (٤) في (ش): (مخرجيها). (٥) انظر: "تفسير الماوردي" ٢/ ١٤٤، وابن الجوزي ٣/ ٨٧ - ٨٨، والرازي ١٣/ ٨٥. (٦) في (ش): (ينشط) بالياء. (٧) في (ش): (يكره) بالياء. (٨) في (ش): (يصير) بالياء. (٩) انظر: "تفسير السمرقندي" ١/ ٥٠١، والبغوي ٣/ ١٦٩.