ذهب بعضهم إلى أن هذا مما أُريد به الخصوص بدليل قوله:{وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ}[الأنعام: ٩٢] وهذا من صفة المؤمنين، وقال بعض أهل المعاني:(لم يعتد بإيمان أولئك الذين آمنوا بالآخرة ولم يؤمنوا بمحمد, وإنما يؤمن بالآخرة حقيقة من آمن بمحمد وبكتابه، فلذلك وصف المؤمنين بالآخرة بأنهم يؤمنون بمحمد والقرآن، ألا ترى أنه قال:{وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} فبيّن أن إيمانهم بالآخرة يدعوهم إلى الإيمان به والمحافظة على صلاتهم)(١)، وعامة القراء (٢) قرؤوا (ولتنذر) بالتاء خطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن المأمور والموصوف بالإنذار هو، قال الله تعالى:{إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ}[الرعد:٧]. وقال:{وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ} وقرأ أبو بكر عن عاصم بالياء جعل الكتاب هو المنذر؛ لأن فيه إنذارًا، ألا ترى أنه قال:{وَلِيُنْذَرُوا بِهِ}[إبراهيم: ٥٢] أي: بالكتاب، وقال:{وَأَنْذِرْ بِهِ}[الأنعام: ٥١]، وقال:{إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ}[الأنبياء: ٤٥] فلا يمتنع أن يسند الإنذار إليه على الاتساع (٣).
(١) انظر: "تفسير الطبري" ٧/ ٢٧٢، والسمرقندي ١/ ٥٠١، وابن الجوزي ٣/ ٨٥، والرازي ١٣/ ٨٣. (٢) قرأ عاصم في رواية أبي بكر بن عياش (ولينذر) بالياء، وقرأ الباقون بالتاء. انظر: "السبعة" ص ٢٦٣، و"المبسوط" ص ١٧٢، و"التذكرة" ٢/ ٤٠٤، و"التيسير" ص ١٠٥، و"النشر" ٢/ ٢٦٠، ووقع في "التيسير" نسبة القراءة بالياء إلى أبي عمرو، ولعله تحريف أو وهم. (٣) ما سبق قول أبي علي في "الحجة" ٣/ ٣٥٦، وانظر: "إعراب القراءات" ١/ ١٦٤, و"الحجة" لابن خالويه ص ١٤٥، و"الحجة" لابن زنجلة ص ٢٦١ , و"الكشف" ١/ ٤٤٠.