قال أبو علي الفارسي:(أرى قولهم: استهواه كذا، إنما هو من قولهم: هوى من حالق (١) إذا تردى منه، ويشبه به الذي يزل عن الطريق المستقيم كما أن زل إنما هو من العثار في المكان، ثم يشبه به المخطئ في طريقته، وتقول: أزله غيره، كما قال تعالى:{فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ}[البقرة: ٣٦]، وكذلك هوى هو وأهواه غيره، وتقول (٢): أهويته واستهويته، قال تعالى:{وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى}[النجم: ٥٣]، كما تقول: أزله واستزله؛ قال تعالى:{فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ}[البقرة: ٣٦]، وقال:{إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ}[آل عمران: ١٥٥]، فكما أن استزله بمنزلة أزله، كذلك استهواه بمنزلة أهواه، كما أن استجاب بمنزلة أجاب) (٣). فأكثر أهل (٤) اللغة على أن: استهوى من هوى يهوى، وعلى هذا يدل (٥) كلام ابن عباس؛ لأنه قال:(كالذي استفزته (٦) الغيلان (٧) في الهامة) (٨).
(١) في (ش): (خالق)، وهو تصحيف. (٢) في (ش): (ويقول). (٣) "الحجة" لأبي علي ٣/ ٣٢٥ - ٣٢٦ بتصرف يسير. وقال ابن عطية ٥/ ٢٤٢، وأبو حيان في "البحر" ٤/ ١٥٧: (ذهب أبو علي إلى أنه بمعنى: أهوى من هوى يهوي إذا سقط من علو، أي: ألقته الشياطين في هوة) ا. هـ. بتصرف. (٤) انظر: "الجمهرة" ٢/ ٩٩٨، و"اللسان" ٨/ ٤٧٢٨ (هوى) والمراجع السابقة. (٥) في (أ): (وعلى هذا كلام ابن عباس: يدل). (٦) في (ش): (استغوته). (٧) غيلان: جمع غول بالضم، وهو شيطان يأكل الناس، وسحرة الجن، والداهية. انظر: القاموس ص ١٠٤٠ (غول). (٨) ذكره الثعلبي ١٧٩ ب بلفظ: (استفزته)، والبغوي ٣/ ١٥٦. بلفظ: (استهوته)، والسيوطي في "الدر" ٣/ ٤٠ بلفظ (أضلته) وفي "تنوير المقباس" ٢/ ٣١ بلفظ (استزلته).