وراء ذلك" (١)، ومعنى التضرع: التخشع وهو حال ظاهرة (٢) تنبئ عن الانقياد للطاعة، وأصله من الضراعة وهي الذلة، يُقال: ضرع الرجل يضرع ضراعة، وهو ضارع، ورجل ضرع: ذليل ضعيف (٣).
قال أبو إسحاق:(أعلم الله نبيه أنه قد أرسل قبله إلى قوم بلغوا من القسوة إلى أن أخذوا بالشدة في أنفسهم وأموالهم فلم يخضعوا ولم يتضرعوا)(٤)، وهذا يكون كالتسلية لنبيه - صلى الله عليه وسلم -، فإن قيل: أليس قوله: {بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ}[الأنعام: ٤١] يدل على أنهم تضرعوا وهاهنا يقول: {قَسَتْ قُلُوبُهُمْ}[الأنعام: ٤٣] ولم يتضرعوا؟ قلنا: حال أولئك [كانت](٥) بخلاف حال هؤلاء في التضرع، وأولئك الذين تضرعوا عند نزول الشديدة غير هؤلاء الذين وصفوا بالقسوة وترك التضرع. أو نقول:(٦) المراد [بالتضرع](٧) في قوله: {لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ} تضرعًا بالإنابة
(١) "معاني القرآن" للزجاج ٢/ ٢٤٨، وانظر: "معاني النحاس" ٢/ ٤٢٤، وتفسير ابن عطية ٥/ ١٩٩، ولم أقف عليه في الكتاب، وفيه ٢/ ١٤٨، ٣/ ٢٣٣: (لعل طمع وإشفاق)، وانظر: "حروف المعاني" للزجاجي ص٣٠، و"معاني الحروف" للرماني ص ١٢٣، و"المغني" لابن هشام ١/ ٢٨٦. (٢) في (أ): (ظاهر). (٣) قال أهل اللغة: (ضَرَعَ الرجل يضرَع ضَرَعًا وضَرَاعَة إذا استكان وذل، فهو ضارع بين الضَّراعة، وتَضَرَّع إلى الله، أي: ابتهل، والضَّرَعُ بالتحريك: الضعيف). انظر: "العين" ١/ ٢٦٩، و"الجمهرة" ٢/ ٧٤٧، و"تهذيب اللغة" ٣/ ٢١١٥، و"الصحاح" ٣/ ١٢٤٩، و "مقاييس اللغة" ٣/ ٣٩٥، و"المفردات" ٥٠٦، و"اللسان" ٥/ ٢٥٨٠ (ضرع). (٤) انظر: "معاني الزجاج" ٢/ ٢٤٨. (٥) لفظ: (كانت) ساقط من (أ). (٦) في (أ): (أو يقول). (٧) لفظ: (بالتضرع) ساقط من (أ).