ينسبوا إلى أمر أكثر من أَفْعَلْتَ (١). قال: ويجوز أن يكون معنى {لَا يُكَذِّبُونَكَ}: لا يصادفونك كاذبًا؛ لأنهم يعرفونك بالصدق والأمانة، كما تقول: أحمدت الرجل إذا أصبته محمودًا، وأجبنته وأبخلته وأفحمته إذا صادفته على هذه الأحوال) (٢)
وقوله تعالى:{وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} قد مضى تفسيره (٣)، ودخلت الباء في الآيات، والجحد تعدى بغير الجار؛ لأنه أريد بالجحد التكذيب، وبهذا يطابق المعنى الأول، كأنه قيل:{فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ} ولكن يكذبون بآيات الله.
وقال أبو علي:({وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} أي: برد آيات الله أو إنكار (٤) آيات الله، {يَجْحَدُونَ}، أي: يجحدون ما عرفوه من صدقك وأمانتك، ومن ذلك (٥) قوله تعالى: {وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا}[الإسراء: ٥٩]، أي: ظلموا بردها أو الكفر (٦) بها، فكما أن الجار في قوله:{فَظَلَمُوا بِهَا} من صلة ظلموا، كذلك يكون من صلة الظلم في قوله:{وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ}، و {يَجْحَدُونَ} محذوف
(١) انظر: "الكتاب" لسيبويه ٤/ ٥٨. (٢) "الحجة" ٣/ ٣٠٢ - ٣٠٥، ولم يذكر قوله: "وأجبنته وأبخلته وأفحمته ... " وانظر: "الحجة" لابن خالويه ص ١٣٨، و"إعراب القراءات" ١/ ١٥٥، و"الحجة" لابن زنجلة ص ٢٤٧، و"الكشف" ١/ ٤٣٠، و"المشكل" ١/ ٢٥١، و"الدر المصون" ٤/ ٦٠٣. (٣) هي آية لم ترد قبل، ولعله يريد ص ١٧٤ من هذا البحث. (٤) في (ش): (وإنكار). (٥) في (أ): (ذلك قوله). (٦) في (أ): (بردها والكفر بها).