وجملة القول في هذا أنه يجوز تذكير الفتنة؛ لأنه بمعنى الافتتان، ويجوز تأنيث {أَنْ قَالُوا} لوجهين: أحدهما: أنه بمعنى المقالة، والثاني: أن قوله: {إِلَّا أَنْ قَالُوا} هو الفتنة في المعنى؛ لأن ذلك القول هو فتنتهم، فإذا أسند الكون إليه جاز تأنيثه، كقوله تعالى:{فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}[الأنعام: ١٦٠]، فأنث الأمثال وواحدها مثل، حيث كانت الأمثال هاهنا في المعنى (١) الحسنات، ومثل هذا في الشعر قول لبيد:
منهُ إذا هِيَ عَرَّدَتْ إقْدامُها (٢)
فأنث الإقدام لما كان (٣) العادة في المعنى، وإذا كانت الفتنة مؤنثة وجاز تذكيرها، وإن قالوا: مذكر وجاز تأنيثه، وهما (٤) معرفتان، كان لك
= بالنصب. انظر: "السبعة" ص ٢٥٤ - ٢٥٥، و"المبسوط" ص ١٦٧، و"التذكرة" ٢/ ٣٩٥، و"التيسير" ص ١٠١ - ١٠٢، و"النشر" ٢/ ٢٥٧ (١) في (ش): (في معنى). (٢) "ديوان لبيد بن ربيعة" ص ١٧٠، و"جمهرة أشعار العرب" ١٣٢، و"الخصائص" ٢/ ٤١٥، و"سر صناعة الإعراب" ١/ ١٣، و"مقاييس اللغة" ٤/ ٣٠٥، و"أمالي ابن الشجري" ١/ ١٩٧، و"الإنصاف" ٢/ ٦٢٠، و"اللسان" ٥/ ٢٨٧٢ (عرد)، و"الدر المصون" ٤/ ٥٧٣، وصدره: قمضى وقدمها كانت عادة وقوله: قمضى أي: حمار الوحشي، وقدمها أي: الآتان، وعردت: حادث عن الطريق، وأصل التعريد: الفرار، وإقدامها: تقدمها. والشاهد: وكانت عادة إقدامها، حيث أنث كانت مع أن المسند إليه إقدمها، وهو مذكر؛ لأنه ذهب إلى تأثيث العادة، أو لأن الإقدام بمعنى التقدمة. انظر: "شرح القصائد" للنحاس ١/ ٣٩٢. (٣) لفظ: (لما كان)، مكرر في (أ). (٤) انظر: "الكتاب" ١/ ٥١.