قال المفسرون:(الظلمة أقدم من النور، وهي مخلوقة قبل، فلذلك قدمت في الذكر، وكذلك السموات خلقت قبل الأرض)(١).
وقوله تعالى:{ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} يعني: عبدة الأوثان في قول عامة المفسرين (٢). قال ابن عباس:(يريد: عدلوا بي من خلقي الحجارة والأصنام بعد أن أقروا بربوبيتي وبنعمتي)(٣)، وقال الزجاج:(أعلم الله تعالى أنه خالق ما ذكر في هذه الآية، وأن خالقها لا شيء مثله، وأعلم أن الكفار يجعلون له عديلاً، فيعبدون الحجارة [الموات (٤)]، وهم مقرون بأن الله خالق ما وصف (٥)، وقوله:{يَعْدِلُونَ}، العدل: التسوية؛ يقال: عدل الشيء بالشيء إذا سواه (٦). ومعنى {يَعْدِلُونَ}: يشركون به
(١) هذا قول قتادة أخرجه الطبري ٧/ ١٤٣، وابن أبي حاتم ٤/ ١٢٥٩، بسند جيد، وقال السمين في "الدر" ٤/ ٥٢٤: (قدمت الظلمات لأنه موافق في الوجود؛ إذ الظلمة قبل النور عند الجمهور) ا. هـ. والراجح عند الجمهور أن خلق الأرض قبل خلق السماء. قال ابن كثير في تفسيره ١/ ٧٣: (هذا ما لا أعلم فيه نزاعًا بين العلماء إلا ما نقله الطبري عن قتادة وتوقف في ذلك القرطبي) ا. هـ ملخصًا. وانظر "تاريخ الطبري" ١/ ٣٢ - ٣٦، وتفسيره ١/ ١٩٢ - ١٩٤، و"الكشاف" ١/ ٢٧١، و"زاد المسير" ١/ ٥٧، و"تفسير القرطبي" ١/ ٢٥٥، و"دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب" للشنقيطي ص ١٤ - ١٦. (٢) انظر الطبري في "تفسيره" ٧/ ١٤٤، والسمرقندي ١/ ٤٧٣، وابن كثير ٢/ ١٣٩، والظاهر أنها عامة في سائر أصناف الكفار، وهو اختيار الطبري في "تفسيره"، وابن عطية في "تفسيره" ٥/ ١٢٢. (٣) في تنوير المقباس ٢/ ٣، قال: (يعدلون به الأصنام). (٤) لفظ: (الموت) ساقط من (أ)، وفي (ش): (والموات). (٥) معاني الزجاج ٢/ ٢٢٧. (٦) انظر: "العين" ٢/ ٣٨، و"الجمهرة" ٦٦٣، و"الصحاح" ٥/ ١٧٦١، و"المجمل" ٣/ ٦٥١، و"مقاييس اللغة" ٤/ ٢٤٦، و"المفردات" ص ٥٥١، و"اللسان" ٥/ ٢٨٤٠ (عدل).