وأظهروا ما فيها من ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم -، {لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ}، قال ابن عباس: يريد لأنزلت عليهم القطر وأخرجت لهم من نبات الأرض كل ما أرادوا (١)، وهذا قول المفسرين (٢).
وقال أهل المعاني: هذا على وجه التوسعة، لا على أن هناك فوق أو تحت، والمعنى: لأكلوا أكلًا متصلًا كثيرًا، فذكر فوق وتحت للمبالغة فيما ينالون وما يفتح عليهم من الدنيا، كما يقول القائل: فلان في خير من قرنه إلى قدمه، يريد تكاثف الخير وكثرته عنده (٣)، وهذا قول الفراء (٤)، والزجاج (٥)، وابن الأنباري.
قال الزجاج: قد دل الله تعالى بهذا على ما أصابهم من الجدب مما عاقبهم به حتى شكوا ذلك بقولهم: يد الله مغلولة. وأعلم أن التقى سبب التوسعة في الرزق، وهذا كقوله تعالى:{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا} الآية [الأعراف: ٩٦] وقال: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا}[الطلاق: ٢]، وقال في قصة نوح: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (١٠) يُرْسِلِ السَّمَاءَ} [نوح:١٠ - ١١](٦).
(١) أخرجه بمعناه الطبري ٦/ ٣٠٥، "تفسير الوسيط" ٢/ ٢٠٨، "تفسير البغوي" ٣/ ٧٨، "زاد المسير" ٢/ ٣٩٥. (٢) انظر: "تفسير الطبري" ٦/ ٣٠٥، "تفسير البغوي" ٣/ ٧٨، "زاد المسير" ٢/ ٣٩٥. (٣) ذكر الطبري ٦/ ٣٠٦، هذا القول واستبعده قائلًا: "وتأويل أهل التأويل بخلاف ما ذكرنا من هذا القول، وكفى بذلك شهيداً على فساده". (٤) معاني القرآن ١/ ٣١٥، "معاني القرآن" للنحاس ٢/ ٣٣٧، ٣٣٨، "زاد المسير" ٢/ ٣٩٥. (٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٩١، "زاد المسير" ٢/ ٣٩٥. (٦) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٩١، وانظر: "زاد المسير" ٢/ ٣٩٥.