الرجل أتباعه المقتدون به، لا أنسباؤه وأقاربه، ألا ترى أن في التنزيل كل موضع أضيف فيه قوم إلى نبي أريد به أتباعهم الذين آمنوا بهم، لا أنسباؤهم، كقوله تعالى:{وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} الآية [الأعراف: ١٥٩].
قال ابن عباس:"تراهم للمؤمنين كالولد لوالده، وكالعبد لسيده، وهم في الغلظة على الكافرين كالسبع على فريسته"(١).
وهذا كقوله تعالى:{أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}[الفتح: ٢٩].
وقال ابن الأعرابي فيما روى عنه أبو العباس (٢): معنى قوله: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} رحماء رفيقين بالمؤمنين {أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} غلاظ شداد عليهم (٣).
وقال ابن الأنباري: أثنى الله تعالى على هؤلاء المؤمنين بأنهم يتواضعون للمؤمنين إذا لقوهم، ويعنفون بالكافرين ويلقونهم بالغلظة والفظاظة، وقال أبو إسحاق في هذه الآية: الفاء في قوله: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ} جواب الجزاء، أي إن ارتد أحد عن دينه الذي هو الإيمان فسوف يأتي الله بقوم مؤمنين غير منافقين (٤).
{أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} أي جانبهم لين على المؤمنين، ليس أنهم أذلة مهانون (٥).
(١) في "بحر العلوم" ١/ ٤٤٤ نسبه لعلي بن أبي طالب، في البغوي ٣/ ٧٢ لكن نسبه لعطاء! ولم أقف عليه عن ابن عباس. (٢) الظاهر أنه المبرد، محمد بن يزيد. (٣) من "تهذيب اللغة" ٢/ ١٢٩٠ مادة (ذل). (٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٨٢، ١٨٣. (٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٨٣، والكلام متصل للزجاج.