الدوائر، فنزلت هذه الآية (١) في النهي عن موالاتهم، ومعنى:(لا تتخذوهم أولياء) لا تعتمدوا على الاستنصار بهم متوددين إليهم، وأولياء مثل أنبياء في الامتناع عن الصرف، وذكرنا العلة المانعة عن الصرف في "أنبياء" في هذه السورة (٢).
وقوله تعالى:{بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}، أي: في العون والنصرة ويدهم واحدة على المسلمين (٣) وقوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}، قال ابن عباس:"يريد كافر مثلهم"(٤)، وقال أبو إسحاق: أي: من عاضدهم على المسلمين فإنه مع من عاضده (٥).
وقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[المائدة: ٥١]، قال ابن عباس:"يريد لا يرشد الكافرين ولا المشركين ولا المنافقين"(٦)، روي عن أبي موسى الأشعري أنه قال: قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن لي كاتباً نصرانياً. فقال: مالك قاتلك الله؟! ألا اتخذت حنيفياً، أما سمعت قول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ}. قلت: له دينه ولي كتابته. قال: لا أكرمهم إذا أهانهم الله، ولا أعزهم إذ أذلهم الله، ولا أدنيهم إذ أقصاهم" (٧).
(١) أخرجه بنحوه الطبري ٦/ ٢٧٥، وذكره البغوي ٣/ ٦٧، والسيوطي في "لباب النقول" ص ٩٢. (٢) عند قوله تعالى: {إذ جعل فيكم أنبياء} الآية (٢٠) من هذه السورة. (٣) انظر: "تفسير الطبري" ١٠/ ٣٩٩، "تفسير البغوي" ٣/ ٦٨. (٤) لم أقف عليه. (٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٨١. (٦) لم أقف عليه، وانظر: "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ١١٧. (٧) بمعناه عند ابن كثير ٢/ ٧٧، "الدر المنثور" ٢/ ٥١٦.