قال الزجاج:{هَؤُلَاءِ} ههنا بمعنى الذين، المعنى: ها أنتم الذين جادلتم، لأن هؤلاء وهذا يكونان في الإشارة للمخاطبين إلى أنفسهم بمنزلة الذين، وقد يكون لغير المخاطبين بمنزلة الذين، نحو قول الشاعر:
عدس: ما لعبَّاد عليك إمارةٌ ... أمنت وهذا تحملين طليق (١)
أي الذي تحملين طليق (٢).
وقال غيره: هؤلاء إشارة إلى نفس المخاطبين على جهة البيان والتأكيد، كما تقول: فعلت أنت، وفعل هو (٣):
وذكرنا في هذا بيانًا شافيًا في قوله:{هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ}[آل عمران: ١١٩].
ومعنى الجدل في اللغة: شدّة المخاصمة، والجدْلُ: شدة الفتل، ورجل مجدول، كأنه قد فتل (٤). والأجدَلُ: الصقر؛ لأنه من أشد الطيور قوة. هذا قول أبي إسحاق (٥).
وقال غيره: سمى المخاصمة جدالًا، لأن كل واحد من الخصمين يريد فتل صاحبه عما هو عليه وصرفه عن رأيه (٦).
(١) البيت ليزيد بن مفرغ الحميري. وهو في "الشعر والشعراء" ص ٢٢٩، و"تهذيب اللغة" ٣/ ٢٣٥٧ (عدس)، و"المحتسب" ٢/ ٩٤، و"اللسان" ٥/ ٢٨٣٧ (عدس). وعدس كلمة زجر للبغل. (٢) "معاني الزجاج" ٢/ ١٠٢، بتصرف، وانظر: القرطبي ٥/ ٣٧٩. (٣) نحو قول الأخفش في "معاني القرآن" ١/ ٤٥٤. (٤) في "معاني الزجاج" ٢/ ١٠٢: "قتل" بالقاف. (٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٠٢، وانظر: "الكشف والبيان" ٤/ ١١٨ أ، و"زاد المسير" ٢/ ١٩٣. (٦) لم أقف على قائله.