واعتمد في ذلك على ما رواه أبو الدرداء (١)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"من دعا لأخيه المسلم بظهر الغيب استجيب له، وقال له الملك: ولك مثل ذلك"(٢) فذلك النصيب، {وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً} هي الدعوة عليه بضد ذلك.
ويؤكد هذا التفسير ما روي عن بعضهم أنه قال: كانت اليهود تدعو على المسلمين، فتوعدهم الله تعالى بهذه الآية (٣).
وقال الحسن ومجاهد والكلبي وابن زيد: هذه الشفاعة بين الناس بعضهم لبعض (٤).
قال الكلبي:{مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً} يصلح بين اثنين يكن له أجرٌ منها {وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً} يمشي بالنميمة وبالغيبة يكن له إثمٌ فيها (٥).
(١) هو الصحابي الجليل عويمر بن عامر (وقيل: ابن مالك أو ثعلبة أو عبد الله أو زيد) ابن قيس بن أمية الأنصاري الخزرجي، شهد أحدًا وما بعدها، وآخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين سلمان الفارسي. توفي سنة ٣٢ هـ أو ٣٣ هـ انظر: "الاستيعاب" ٣/ ٢٩٨، و"أسد الغابة" ٤/ ٣١٨، و"سير أعلام النبلاء" ٢/ ٢٣٥، و"الإصابة" ٣/ ٤٥. (٢) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء رقم (٢٧٣٢)، باب: فضل الدعاء للمسلمين بظهر الغيب. (٣) انظر: "النكت والعيون" ١/ ٥١٠، و"زاد المسير" ٢/ ١٥٠، و"التفسير الكبير" ١٠/ ٢٠٧. (٤) أخرج الأثر عن الحسن، ومجاهد، وابن زيد، الطبري ٥/ ١٨٦. وأخرجه أيضاً عن الحسن، ومجاهد، ابن المنذر، وابن أبي حاتم. انظر: "الدر المنثور" ٢/ ٣٣٥، وهو في "تفسير مجاهد" ١/ ١٦٧. أما الكلبي فيرى أن المراد بالشفاعة: الإصلاح بين اثنين. كما سيأتي عند المؤلف. (٥) "بحر العلوم" ١/ ٣٧٢، و"زاد المسير" ٢/ ١٥٠، و"تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ٩١.