التشديد للكثرة، فأما واحدٌ مِن واحدٍ فـ (يَمِيز) -بالتخفيف-. والله -تعالى- يقول:{حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}، فَذَكَر شيئين. و-هذا- كما قال بعضهم (٢) في (الفَرْق) و (التَّفرِيق)(٣).
وحجّة من قرأ بالتشديد: أن التشديد للتكثير والمبالغة، ويِكثر المؤمنون والمنافقون. فالتمييز -ههنا- أَوْلى، والله -تعالى- ذَكَرَ الجِنْسَيْنِ بلفظ {الْخَبِيثَ} و {الطَّيِّبِ} وهما للجِنْس؛ فالمراد بهما: جميع المؤمنين والمنافقين، لا اثنان منهما. وقد قال الله -تعالى-: {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ}[الملك: ٨]. وهذا مُطَاوع [(التَّميِيِز). والذي يدل على (٤) أن التخفيف أولى، قولُه:{وَامْتَازُوا الْيَوْمَ}[يس: ٥٩]، وهو مُطاوع] (٥)(المَيْز).
وقوله تعالى:{لِيُطْلِعَكُمْ}.
الإطْلاعُ: أن تُطلِعَ إنسانًا على أمرٍ، لم يكن عَلِمَ (٦) به. فيقال (٧):
(١) لم أقف على مصدر قوله. وقد ذكره -بمعناه- ابنُ زنجلة في: "حجة القراءات" ١٨٢. (٢) ذكر الثعلبي والقرطبي هذا القائل، وهو: أبو معاذ، الفضل بن خالد المروزي، أحد كبار علماء النحو، قال السيوطي: (وذكره ابن حبان في الثقات، وصنف كتابًا في القرآن). توفي سنة (٢١١ هـ). انظر: "تفسير الثعلبي" ٣/ ١٦٠ أ - ب، و"تفسير القرطبي" ٤/ ٢٨٩، و"بغية الوعاة"، للسيوطي ٢/ ٢٤٥. (٣) في "تفسير الثعلبي" ٣/ ١٦٠ أ، (ومثله، إذا جَعلتَ الواحدَ شيئين، قلت: (فَرَقْتُ بينهما)، ومنه: (فَرْقُ الشَّعْرِ). فإن جعلته أشياء، قلت: (فَرَّقتْه تفريقًا). وانظر: "تفسير القرطبي" ٤/ ٢٨٩. (٤) وردت العبارة في (ج): (والذي يدل من التميين على ..). ولم أر لها وجهًا. والعبارة ساقطة من: (أ)، (ب). وما أثبتُّه هو ما استصوبته. (٥) ما بين المعقوفين: زيادة من (ج). (٦) في (ج): (يعلم). (٧) في (ج): (فيقال).